الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة
المؤلفة برئاسة السيد القاضى / عـــــــلاء مــــدكـــور رئيس الدائرة
وعضــــــوية الســـــيدين القاضـــيين/ عــــــبدالناصـــر الـــزناتي و أحمد الشربيني
وحضــــور رئيس النيابــــــة العامـــــــة الســـــيد / أسامة عـــــبد المعـــز
وأمين السر السيد / سعد طلبه
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الثلاثاء 28 جمادى الأول 1437 هـ الموافق 8 من مارس سنة 2016 م
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمــة بـرقـم 1 لسنـــة 11 ق 2016 جـزائي
المرفوع من /
الطاعن / ………………………………….
ضــــــد
المطعون ضدها / …………………...….
الوقائـــــــــــــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1) …….. 2) …….. في القضية رقم 2297 لسنة 2015 جنايات رأس الخيمة بأنهما في غضون شهر يونيو 2006 بدائرة رأس الخيمة المتهم الأول :- 1) عرض رشوة على موظف عام للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم له بواسطة المتهم الثاني هاتف نقال من نوع أيفون (5) على سبيل الرشوة مقابل إدخال هاتف نقال إليه بالمؤسسة العقابية والإصلاحية بالمخالفة للوائح على النحو المبين بالأوراق. 2) اشترك مع المتهم الثاني بطريقي الإتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة محاولة إدخال هاتف نقال للمنشأة العقابية والإصلاحية وذلك بأن اتفق معه على ارتكابها وساعد في ذلك بأن أمده بالأموال لشراء الهاتف النقال محل الواقعة فوقعت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق. المتهم الثاني :- 1) توسط في جريمة الرشوة سالفة البيان على النحو المبين بالأوراق . 2) حاول أن يدخل هاتف نقال إلى المنشأة العقابية والإصلاحية برأس الخيمة خلافاً للقوانين واللوائح المنظمة للمنشأة. وطلبت عقابهما بالمواد (( 5 / 1 ، 45 / 1، 47 ، 121 / 1، 237 ، 238 )) من قانون العقوبات الإتحادي رقم 3 لسنة 1987 المعدل بالقانون رقم 34 لسنة 2005 والمادتين 1 / 1، 61 / 1 من القانون رقم 43 لسنة 1992 في شأن تنظيم المنشأة العقابية. ومحكمة جنايات رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 26 / 10 / 2015 بحبس كل من …… , …… لمدة ستة أشهر وبمصادرة الهاتفين المضبوطين وأمرت بإبعاد المتهمين عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة. استأنف المحكوم عليه الثاني، ومحكمة استئناف جنايات رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 22 / 12 / 2015 بقبول الإستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 3 / 1 / 2016.
المحكمـــــــــــــــــــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / عضو يسار الدائرة، وبعد المداولة:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الوساطة في عرض رشوة ومحاولة إدخال هاتف إلى المنشأة العقابية خلافاً للقوانين واللوائح المنظمة لها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الإستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لإبتنائها على تحريات غير جدية لعدم إيرادها بيانات كافية عن الطاعن وللتلاحق الزمني بين التحريات وصدور الإذن بالضبط إلا أن الحكم لم يعن بالرد على هذا الدفع، ولم يبين الأفعال التي ارتكبها الطاعن بما يحقق أركان الجريمتين اللتين دانه بهما ، ولم يفطن لدفعه بإنتفاء القصد الجنائي لديه لأنه لم يكن يعلم بتفاصيل الإتفاق بين المحكوم عليه الآخر والشرطي ولا بصفة هذا الأخير خاصة وأن الأوراق خلت من دليل على إرتكابه الواقعة وقد إعتصم بالإنكار وإقتصار دوره على شراء هواتف نقالة وتسليمها لشخص سيرسله المحكوم عليه الآخر ليودعها بدوره أمانات السجن ليستخدمها هذا الأخير فور خروجه منه، وعول الحكم على أقوال شهود الإثبات دون أن يفطن إلى ما قرروه بالتحقيقات من أنهم لم يروا أو يسمعوا ثمة حديث دار بين الطاعن والشرطي يفيد علمه بالواقعة أو أنه سلمه الهاتفين على سبيل الرشوة، ورغم ما ساقه من قرائن على عدم صحتها وتلفيقها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. ومن حيث إن الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة استقاها من أقوال شهود الإثبات من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك ، وكان مفاد ما أورده الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في مدوناته أن القبض على الطاعن وضبط الهاتفين قد تما بعد ما كانت جرائم عرض الرشوة والوساطة فيها ومحاولة إدخال شيء ممنوع المنشأة العقابية متلبساً بها بتمام الإتفاق الذي تظاهر الشرطي فيه بقبوله إدخال هذا الشـيء ، وذلك بقيام الطاعن بمحض إرادته بعرض أحد الهاتفين على الشرطي كعطية مقابل إدخاله الآخر المنشأة العقابية وتسليمه للمحكوم عليه الآخر ، فإن ما تم من قبض يكون إجراء صحيحاً غير مشوب بما يبطله إذ أن جرائم عرض الرشوة والوساطة فيها ومحاولة إدخال شيء ممنوع المنشأة العقابية تكون في حالة تلبس تُبرر القبض على الطاعن وضبط الهاتفين محل هذه الجرائم دون إذن من النيابة العامة، ومن ثم فلا جدوى مما يثيره حول بطلان القبض وما تلاه من إجراءات لبطلان إذن النيابة العامة بالضبط لإبتنائه على تحريات غير جدية . لما كان ذلك، و كانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 237 من قانون العقوبات الإتحادي رقم 3 لسنة 1987 المعدلة بالقانون الإتحادي رقم 344 لسنة 2005 تتحقق بتدخل الوسيط الراشي والمرتشي لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذها أو الوعد بها، وكان مؤدي ما حصله الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في معرض بيانه للواقعة ولأدلة الثبوت أنه تنفيذاً لإتفاق مسبق بين المحكوم عليه الآخر والشرطي شاهد الإثبات الأول الذي تظاهر بقبوله قام الطاعن بشراء الهاتفين المضبوطين وأجرى إتصالاً بهذا الأخير الذي إلتقاه في أحد المقاهي تحت بصر رجال الضبط وعرض عليه احدهما كعطية مقابل إدخال الآخر المنشأة العقابية، فوقعت جريمتي الوساطة في عرض الرشوة ومحاولة إدخال شيء ممنوع المنشأة العقابية نتيجة هذا الإتفاق وذلك النعي فإن ما اورده الحكم من ذلك تتحقق به العناصر القانونية لهاتين الجريمتين ويكون منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك ، وكان الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن في شأن إنعدام القصد الجنائي لديه ورد عليه بقوله (( وكانت المحكمة من خلال ظروف الواقعة قد إطمأنت إلى توافر العلم والإدراك بماديات الجريمة وبصفة الشرطي المُبّلغ لدى كلاً المتهمين سيما وأن الأول قد تعرف إلى المُبّلغ بداخل السجن وعلى علم يقيني بصفته وإختصاصه الوظيفي والثاني قد كُلِفّ من الأول بالتوسط في عرض الرشوة وهو سجين سابق بذات المؤسسة حسبما ثبت بالتحقيقات من أقوال المتهم الأول وقد تقابل مع الشرطي المُبلّغ وتوسط في عرض العطية عليه وأخبره أن ذلك لقاء إدخاله الهاتف للمؤسسة العقابية وهو ما يقطع بعلمه بإختصاص الشرطي المُبلّغ بالعمل لدى تلك المؤسسة وأن ذلك يخوله إدخال الممنوعات إذا أراد علاوة على علمه كسجين سابق بأن إدخال ذلك الهاتف أمر مخالف للقانون إلا أنه وعلى الرغم من ذلك العلم أقدم على التوسط في ذلك العرض مما تكون معه أركان جريمة عرض الرشوة قد توافرت بالنسبة للمتهم الأول كما توافرت أركان جريمة التوسط في ذلك العرض بالنسبة للمتهم الثاني )). و لما كان القصد الجنائي في جريمة عرض الرشوة أو الوساطة فيها يتحقق بمجرد علم الراشي أو الوسيط بصفة المرتشي وأن الرشوة التي عرضها أو قدمها إليه مقابل إتجار الأخير بوظيفته وإستغلاله إياها وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه في حق الطاعن، ولم يخطئ في تقديره للأسباب السائغة التي ساقها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد
لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم إرتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل في الأصل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومع ذلك فقد عرض الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لدفاع الطاعن بإنكار الجريمة وأطرحه في قوله (( ومن حيث إن المحكمة قد إطمأنت على نحو ما سلف لأدلة الثبوت آنفة البيان وتحقق إليها ثبوت وقائع الإتهام قبل المتهمين فلا تكون ملزمة بالرد على الدفوع الموضوعية المبداة من مدافعهما )). ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يعدو و أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تُحَصّل أقوال الشاهد ونفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تُحصّله لا تُحرفّ الشهادة عن موضعها وهي في ذلك غير مُقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، وكان البين من المفردات المضمونة أن ما أورده الحكم مستمداً من أقوال رجال الضبط له سنده الصحيح من الأوراق ولم يكن فيما حصله الحكم منها ما يخرج عن مؤداها، إذ أنه يؤخذ منها أنهم شاهدوا واقعة عرض الطاعن هاتفي الرشوة على الشرطي المُبلّغ شاهد الإثبات الأول وأنهم سارعوا إلى القبض عليه، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجّه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتُــقّدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الأصل أنه متى اخذت المحكمة بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الإعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها فإنه يكفي لسلامة الحكم أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع من تشكيك في أقوال شهود الإثبات وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق ونفي التهمة لا يعدو أن يكون من اوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الدعوى التي إعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات وإلتفاته عن دفاع الطاعن في هذا الشأن، ومن ثم فإن ما يثيره في وجه طعنه إنما ينحل في واقعه إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة التمييز. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون قد أقيم على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:-
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن الرسوم القضائية.