الطعن 12 لسنة 1 ق (2006)
هتك عرض
باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها
محكمــــة تمييــــز رأس الخيمــــة
الـدائـــــرة الجـزائيـــــة
برئاسة السيد القاضي / يحيى جــلال فضل رئيس المحكمة
وعضوية القاضيين / محمـــد ناجـي دربالة و محمـد عبد الرحمن الجـراح
وحضـور السيد / عبد الناصر محمد الشحـي رئيـس النيابة
و السيـد / سعــــد محمـــد توكل أميــن الســر
فــي الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
فـي يوم الأحد 13 مــن ربيع الأول سنـة 1428هـ الموافـق 1 مــن إبريل سنـة 2007م
فـي الطعـن المقيـد فــي جـدول المحكمـة بـرقـم 12 لسنـــة 1 ق ( 2006 م) جـزائــي
المرفــــوع مـــن
الطاعنة / ........ " مدعية بالحقوق المدنية "حضر عنها المحامي / ..... .
ضـــــــد
المطعون ضده / ...........
الـــوقـــائــــــع
اتهمت النيابة العامة ........... أنه بتاريخ 18 من إبريل سنة 2006 .
هتك عرض خادمته ....... بالإكراه بأن قام باحتضانها من مؤخرتها وتقبيلها كرهاً عنها .
ـ وطلبت معاقبته بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية و المادة 356/3 من قانون العقوبات رقم 3 لسنة 1987 .
ـ أمام محكمة جنايات رأس الخيمة ادعت الطاعنة عن نفسها مدنياً طالبة إلزام المتهم بأن يؤدي لها تعويضاً مدنياً مؤقتاً.
ـ وبجلسة 25 من يونيو سنة 2006 م قضت المحكمة حضورياً بمعاقبة المطعون ضده بالحبس لمدة سنة عما أسند إليه وألزمته بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني التعويض المؤقت وبمصروفات الدعوى المدنية ومائة درهم مقابل أتعاب المحاماة .
ـ فاستأنف المحكوم عليه، ومحكمة استئناف جنايات رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 28 من نوفمبر سنة 2006 م بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المستأنف من التهمة المسندة إليه .
ـ فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 2006 .
المحكـــمة
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة هتك عرضها بالإكراه ورفض دعواها المدنية قبله قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه اطرح أقوال المجني عليها بدعوى أنها مدعية لا يُعول على أقوالها في الإثبات ، كما اطرح شهادة شقيق زوج المتهم بدعوى أنها شهادة منقولة عن شقيقته فلا تُسمع إلا عند غياب من نُقل عنها ، وأعرض عن دلالتهما في ثبوت الاتهام قِبل المتهم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وهو في معرض تبرير البراءة لم يشر إلى شهادة المجني عليها ـ الطاعنة ـ وشهادة راشد عبد الله يوسف سوى بقوله " .. ولا يثبت الركن المادي للجريمة إلا بأدلة الثبوت الشرعية وهي الإقرار أو الشهادة أو القرائن القوية ويقع عبء الإثبات على المجني عليها والنيابة العامة ... ومن حيث الثبوت بالشهادة فإن محكمة أول درجة قد اعتمدت على شهادة المجني عليها وزوجة المتهم وشقيقها ، فبالنسبة لشهادة المجني عليها فإنه لا يعول عليها ولا تعتبر شاهدة شرعاً وإنما هي مدعية ويقع عليها وعلى النيابة العامة عبء الإثبات في مواد الجنايات ، وبالنسبة لشهادة شقيق الزوجة فإنما هو ناقل عن شقيقته وهذه الشهادة تسمى شرعاً الشهادة على الشهادة ولقبولها شرعاً شروط منها أن يكون الشاهد الأصلي غائباً عن البلد ، أما إذا كان حاضراً فلا تسمع شهادة الفرع " لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تحكم ببراءة المتهم ـ على مقتضى نص المادة 211 من قانون الإجراءات الجزائية ـ متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى واحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات ، وكان من المقرر وفق نص المادة 209 من قانون الإجراءات الجزائية أن القاضي يحكم في الدعوى حسب القناعة التي تكونت لديه ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه فله أن يًكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها صداها وأصلها الثابت في الأوراق ولها أن تُحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تُحصله لا تُحرف الشهادة عن مضمونها ، كما أنه لا يُشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان من حق محكمة الموضوع الاعتماد على أقوال المجني عليها في قضائها بالإدانة متى اطمأنت إليها واستخلصتها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص من آخر متى رأت أن تلك الأقوال صدرت عنه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى ولا ينال منها أن تكون سماعية، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه اطرح دلالة شهادة المجني عليها ـ الطاعنة ـ وراشد عبد الله يوسف ، وأعرض عنها دون أن يأبه لفحوى مؤداهما ، واطرحهما دون أن يلتفت لأثرهما في الإثبات ، مما أفضى به إلى أن يحجب نفسه عن وزن تلك الأقوال وأثرها على قناعته بثبوت الجريمة في حق المتهم أو نفي مقارفته لها . لما كان كل ذلك فإنه يكون قد ثَبُتَ أن المحكمة حين استعرضت أدلة الثبوت في الدعوى أقصت دليلي الثبوت المستمدين من أقوال المجني عليها والشاهد الآخر من مقام الإثبات ، بما حجبها عن أن تُلم بهما إلماماً شاملاً يهيئ لها أن تمحصهما التمحيص الكافي الذي يدل على أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة بما يُعجز محكمة التمييز عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه ويوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية والإعادة إلى المحكمة التي أصدرته لتقضي فيها من جديد دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
فلهــــذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة وألزمت المطعون ضده بالرسوم القضائية وبمبلغ خمسمائة درهم مقابل المصروفات شاملة أتعاب المحاماة وأمرت برد التأمين .