(( التعدى بالسب على موظف عام ))
الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة
المؤلفة برئاسة السيد القاضى / عـــــــلاء مــــدكـــور رئيس الدائرة
وعضــــــوية الســـــيدين القاضـــيين/ عــــــبدالناصـــر الـــزناتي و أحمد الشربيني
وحضــــور رئيس النيابــــــة العامـــــــة الســـــيد / أسامة عـــــبد المعـــز
وأمين السر السيد / سعد طلبه
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الثلاثاء 26 من صفر 1437 هـ الموافق 8 من ديسمبر 2015 م
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمــة بـرقـم 28 لسنـــة 10 ق 2015 جـزائي
الطاعنان / 1- .................................
2- .................................
المطعون ضدها / النيابة العامة
الوقائـــــــــــــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- ................. ، 2- ................... ، أنهما في غضون عام 2014 أسندا علانية للمجني عليه ................... واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب والازدراء حال كونه موظفاً عاماً ـــ مدير ............. برأس الخيمة ـــ وبمناسبة تأدية وظيفته على النحو المبين بالأوراق.
ـ وطلبت معاقبتهما بالمادة 372 / 2 من قانون العقوبات .
وادعى المجني عليه بوكيل مدنياً قبل المتهمين بموجب لائحة ادعاء مدني مسددة الرسم ، ومحكمة جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بتغريم كل واحد من المتهمين مبلغ ألفي درهم عما أسند إليه وبإحالة الادعاء المدني إلى المحكمة المدنية المختصة مع إبقاء الفصل في الرسم . استأنف المحكوم عليهما ، ومحكمة استئناف جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 16/2/2015 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق التمييز بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 17 / 3 / 2015 ، وسددا رسم التأمين ، وقدمت نيابة التمييز مذكرة مشفوعة برأيها برفض الطعن .
المـحكمــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / عضو يسار الدائرة وبعد المداولة:-
من حيث أن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث أن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القذف العلني بحق موظف عام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن المدافع عن الطاعنين تمسك بمتعتهما بالإعفاء المنصوص عليه بالمادة 377 من قانون العقوبات باعتبارهما حسني النية في الإبلاغ عن أمور تستوجب مساءلة المجني عليه قدما الدليل على صحتها ، مما حدا بهذا الأخير لتقديم شكواه الماثلة بغية الكيد والتلفيق لهما ، إلا أن الحكم ذهب ـــ خلافاً للحقيقة والواقع ـــ إلى ثبوت سوء نيتهما وعجزهما عن إثبات صحة ما يدعيانه استناداً إلى أدلة الثبوت التي ساقها ، وأعرض عن الأدلة والمستندات التي قدماها وأطرح دفاعهما بما لا يسوغ ، ورد على دفعهما بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لشواهد عدّداها بأسباب طعنهما بما لا يتفق وصحيح القانون ، ودان الطاعن الثاني رغم إنكاره الاتهام وانتفاء صلته بالواقعة وخلو الأوراق من دليل يقيني على ارتكابها ، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القذف العلني بحق موظف عام التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان حق تقديم شكوى في حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه ، لا يعد قذفاً معاقباً عليه ، إلا أن ذلك مشروطاً بأن يكون البلاغ صادقاً مقترناً بحسن النية ولا تشوبه شائبة من سوء القصد ، فإن استبان للمحكمة ـــ وهو الحال في الدعوى الماثلة ـــ أن التبليغ عن الوقائع محل الاتهام لم يكن بالصدق وإنما قصد به مجرد التشهير بالمجني عليه والنيل منه ، وهذا من الموضوع الذي تستقل به المحكمة استخلاصاً من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن النعي على حكمها في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون ـــ في سبيل تحقيق مصلحة عامة ـــ قد استثنى من جرائم القذف الطعن في أعمال الموظفين العموميين او المكلفين بخدمة عامة متى توافرت فيه ثلاثة شروط (الأول) أن يكون الطعن حاصلاً بسلامة نية أي لمجرد خدمة المصلحة العامة مع الاعتقاد بصحة المطاعن وقت إذاعتها (الثاني) إلا يتعدى الطعن أعمال الوظيفة أو الخدمة العامة (الثالث) أن يقوم الطاعن بإثبات كل أمر أسنده إلى المطعون فيه، فكلما اجتمعت هذه الشروط تحقق غرض الشارع ونجا الطاعن من العقاب أما إذا لم يتوافر ولو واحد منها، فلا يتحقق هذا الغرض ويحق العقاب، كما أنه من المقرر أن للمحكمة أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤدياً عقلاً للنتيجة التي انتهت إليها وأنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ـــ من أن المتهمين سيء النية وانصرف قصدهما من الطعن في عمل المجني عليه إلى التشهير به والإساءة إليه ولم يستطعا إثبات كل ما رميا به
المجني عليه ولو صحت هذه العبارات فإنها تنال منه وتجعله محلاً للعقاب وللازدراء ـــ يكون استنتاجاً سائغاً لا شائبة فيه، ويكون نعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فلا يعيب الحكم إعراضه عن الأدلة والمستندات التي قدمها الطاعنان فإن النعي في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وبتلفيقه من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً صريحاً فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع المبدي من الطاعنين بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وأطرحه برد سليم ويتفق وصحيح القانون مما يكون معه منعى الطاعنين في هذا الشأن غير سليم. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن الثاني لا يعدو أن يكون من أوجه الدفوع الموضوعية ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة التأمين وإلزام الطاعنين بالرسوم القضائية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه ومصادرة التأمين وإلزام الطاعنين بالرسوم القضائية.