الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة
المؤلفة برئاسة السيد القاضى / عـــــــلاء مــــدكـــور رئيس الدائرة
وعضــــــوية الســـــيدين القاضـــيين/ عــــــبدالناصـــر الـــزناتي و أحمد الشربيني
وحضــــور رئيس النيابــــــة العامـــــــة الســـــيد / أسامة عـــــبد المعـــز
وأمين السر السيد / سعد طلبه
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الثلاثاء 6 جمادى الآخر 1437 هـ الموافق 15 من مارس سنة 2016 م
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمــة بـرقـم 9 لسنـــة 11 ق 2016 جـزائي
المرفوع من /
الطاعنة / النيابة العامة
ضــــــد
المطعون ضدها / ….
الوقائـــــــــــــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة … في القضية رقم 3023 لسنة 2015 لأنه في يوم 21 / 8 / 2015 بدائرة رأس الخيمة تسبب بخطئه في موت …وكان ذلك نتيجة إخلاله بما تفرضه عليه وظيفته كمنقذ في حمام سباحة، وطلبت عقابه بالمادة 342 / 1، 2 من قانون العقوبات الإتحادي، ومحكمة جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 13 / 10 / 2015 ببراءة المتهم مما أسند إليه من اتهام. إستأنفت النيابة العامة، ومحكمة إستئناف جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 16 / 12 / 2015 بقبول الإستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 13 / 1 / 2016 ، وقدم المطعون ضده مذكرة جوابية.
المحكمـــــــــــــــــــــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / عضو يسار الدائرة ، وبعد المداولة:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الإستدلال، وذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وطبيعة عمل المطعون ضده ومدى قدرته على تلافى الحادث في الظروف التي وقع فيها وأثر ذلك على قيام رابطة السببية أو إنتفائها، ولم يفطن إلى دور المطعون ضده كمنقذ بالمسبح الذي يُوجب عليه مراقبة كل ما يتصل به والتدخل عند الحاجة لإنقاذ الأرواح مهما بلغ خطأ أصحابها أو إهمالهم، كما كان يتعين عليه إزاء رفض والد المجني عليها الإلتزام بالتعليمات أن يُخطر الإدارة المختصة، هذا إلى أن الخطأ المنسوب لهذا الأخير - بفرض ثبوته – لا يقطع رابطة السببية بين خطأ المطعون ضده ووفاة المجني عليها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالبراءة تأسيساً على قوله أن (( الثابت من الأوراق ومما شهد به كل من … المتوفى …. أمام محكمة أول درجة أن المتهم حذّر والد المجني عليها من إنزالها معه مسبح الكبار وأن الأخير نهره وأبلغه أنها ستكون برعايته وأن لا شأن للمتهم بالموضوع ومما تمسك به المتهم من وجود لوحات حول المسبح تُحّذر من نزول الأطفال دون الثانية عشر للمسبح الخاص بالكبار، وما ثبت من معاينة الشرطة وأقوال جميع من تم سؤالهم من وجود مسبح آخر بذات المكان مخصص للأطفال، وكان والد المجني عليها ووفق ما ورد بأقواله بتحقيقات النيابة قد اصطحب المجني عليها البالغة أربع سنوات وشقيقتها ووالدتهما ونزل معهم مسبح الكبار والذي يقارب عمقه المترين رغم تحذير المتهم له، فإنه لا يمكن أن يدور بخلد أحد من بنى آدم مهما دّق عقله أو سـَـطُح أن ذلك الأب بما لديه من عاطفه وحكمة قد يترك تلك الصغيرة في ذلك المسبح العميق ويخرج ولو لبرهة واحدة وأن تتوارد مع خاطرته بالخروج من المسبح تاركاً الصغيرة خلفه خاطرة الأم التي أبلغها بمكان إبنتها لتسبح هي أيضاً بعيداً بما يقارب العشرة أمتار وفق أقوال ذلك الأب متغافلة عنها خارجان معاً بذلك المسلك عن كل منطق لشخص عادي أو غير عادي إذ بدلاً من أن يقوما على رعايتها بما عليهما من واجب الحضانة التي تعنى مراقبة الصغيرة في الحركات والسكنات كي لا يهلك، فبدلاً من ذلك جلباها معاً إلى موطن هلاك محقق ثم أسلماها له وخلا كل منهما لسبيل نفسه وهواها فإن ذلك منهما خطأ غريب جسيم يبلغ من الجسامة ما يُذهل العقول السليمة والفِطَر القويمة، ولا يمكن بحال أن يُكلَف المستأنف ضده توقع ذلك من الأبوين ومتى استحال عليه – بل وعلى كل رجل عادي – ذلك انتفى بحقه الخطأ إذ وعلى ما تقدم لا يقوم الخطأ الجزائي إلا بإمكان توقٌع الضرر وهو بحق المستأنف ضده في تلك الواقعة مُحال، وبإنتفاء الخطأ بحق الأخير تتكشف براءته وإذ التزم الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يضحى وقد أصاب صحيح الواقع والقانون ويكون النعي عليه بهذا الإستئناف على غير سند وتقضى المحكمة من ثم برفض الإستئناف وتأييد الحكم المستأنف)). لما كان ذلك، وكان يصح في القانون أن يكون الخطأ الذي أدّى إلى وقوع الحادث مشتركاً بين المتهم والمجني عليه فلا ينفي خطأ أحدهما مسئولية الآخر، وكان الأصل أن خطأ المجني عليه لا يُسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه إنتفاء الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى المتهم، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصّت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الإتهام عليها عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر طبيعة عمل المطعون ضده كمنقذ بالمسبح وما يفرضه عليه من إلتزامات، وكيفية سلوكه أثناء مباشرته لهذا العمل، وأنه إضطلع بكل ما يُوجبه عليه وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح له – على الوجه المعتاد – بمراقبة جميع من يسبحون ومتابعتهم ببصره ليستبين مدى الحيطة الكافية التي كان في مقدوره إتخاذها ومدى العناية والحذر اللذين كانا في مكنته بذلهما والقدرة على تلافى الحادث من عدمه وأثر ذلك على قيام ركن الإهمال ورابطة السببية. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه ويستوجب نقضه والإعادة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمـــــــة:-
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة.