الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم
إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز
رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة
الجزائيــــــــــــة
المؤلفة
برئاسة السيد القاضى / عـــــــلاء
مــــدكـــور رئيس
الدائرة
وعضــــــوية الســـــيدين القاضـــيين/ عــــــبدالناصـــر الـــزناتي و أحمد الشربيني
وحضــــور رئيس النيابــــــة العامـــــــة الســـــيد / أسامة عـــــبد المعـــز
وأمين السر السيد / سعد طلبه
في
الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء
بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم 13 جمادي الآخر سنة 1437 ه
الموافق 22 من مارس سنة 2016 م
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمــة بـرقـم 16 لسنـــة 11 ق 2016 جـزائي
المرفوع من / ….
(بصفتها أحد ورثة المجنى عليه ووكيلة عن باقى الورثة )
ضــــــد
المطعون ضده / ….
الوقائـــــــــــــــــــــــع
أتهمت
النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 14 من نوفمبر سنة 2015 بدائرة رأس الخيمة.
1- لم يلتزم بقواعد السير والمرور وآدابه الموضوعة لتنظيم حركة السير والمرور وذلك
بأن قاد المركبة بدون انتباه مما أدى إلى وقوع الحادث على النحو المبين بالمحضر.2-
أتلف المال المنقول المبين وصفا بالمحضـر بأن جعله غير صالح للإستعمال على
النحو المبين بالإوراق. 3- تسبب بخطأه في وفاة المجني عليه ... وكان ذلك ناشئاً عن عدم أنتباهه أثناء
قيادته للمركبة مما أدى إلى وقوع الحادث ووفاة المجني عليه. وطلبت عقابه طبقاً
لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد .1 ، 342/1 424/1 من قانون العقوبات
الصادر بالقانون الإتحادي رقم 3 لسنة 1987 والمواد 2 ، 4 10/4 ، 57/1، 58/1 من
القانون الإتحادي رقم 21 لسنة 1995 بشأن السير والمرور المعدل بالقانون رقم 1 من
القانون الإتحادى 9 لسنة 2003 بشأن مقدار الدية الشرعية. ومحكمة جنح رأس الخيمة
قضت بجلسة 19 من نوفمبر سنة 2015 حضورياً: بتغريم المتهم الفين وخمسمائة درهم
وإلزامه بأن يدفع لورثة المجنى عليه … مبلغاً وقدره مائة ألف درهم (100000 درهم)
الدية الشرعية المستحقة لهم مقدرة بنسبة مساهمته في الحادث وأُفهم بأن عليه كفارة
القتل الخطأ وذلك عما أسند اليه. استأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما استأنف ورثة
المجني عليه ، ومحكمة استئناف جنح رأس الخيمة قضت حضورياً: بجلسة 30من ديسمبر سنة
2015 أولا: في الاستئناف الثاني بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة. ثانيا: في
الإستئناف الاول بقبوله شكلاً، وفى الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف. فطعن
ورثة المجنى عليه في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أُودعت قلم كتاب محكمة التمييز
بتاريخ 27 من يناير سنة 2016
المحكمـــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي
تلاه السيد القاضي/ عضو اليمين وبعد المداولة.
من
حيث إنه لما كان نص المادة 27 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 قد جرى
على أنه " لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية
والمدعي بها الطعن بطريق النقض أمام محكمة التمييز في الأحكام الصادرة من محكمة
آخر درجة ." يدل على أن من لهم الصفة
في الطعن بالنقض هم من عَددَتهم ـــ على وجه الحصر ـــ بمتنها، بما مؤداه أنه لا يحق لورثة المجني عليه في الدعوى الجزائية المقامة عن تهمة القتل
الخطأ الطعن بالنقض في الحكم الصادر بحق المتهم فيها، لأنه لا صفة لهم في رفع هذا
الطعن. لما كان ذلك، وكان ورثة المجني عليه لم يَدَّع أيا منهم بالحقوق المدنية
بالنسبة للأضرار التي لا تجبرها الدية الشرعية أثناء جمع الاستدلالات أو مباشرة
التحقيق أو أمام محكمة أول درجة التي نظرت الدعوى الجزائية واعرضوا عن إتخاذ الإجراءات اللازمة لإقامتها، واكسابهم صفة
المدعي بالحقوق المدنية وفق نص المادتين 22 ، 147 من القانون الاتحادي رقم 35 لسنة
1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية وأحكام المواد 42 ، 44 ، 47 من القانون
الإتحادي رقم 11 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات المدنية، وكان لا يغني عن تلك
الإجراءات استئنافهم الحكم الصادر بإدانة الجاني من محكمة أول درجة أو مداومته
الحضور أمام المحكمة الاستئنافيه -ولو اتصل أو تواصل. لما كان ذلك، وكان لا يُجدي
الطاعنين ما يتحدوا به من اكتسابهم الصفة في الطعن بالنقض لكونهم ورثة المجني عليه المستحقين
للدية الشرعية وذلك من ناحيتين: الأولى أنه فضلاً عن أنهم ليسوا ممن عددتهم المادة
27 سالفة البيان فإن المشرع عدَّ الدية المستحقة شرعاً من قبيل العقوبات الأصلية
التي تُوقع على مرتكب الجنحة وفق المواد 26/البند ( 2 ) ، 29 ، 66 / البند ( أ )
من قانون العقوبات، وأوجب توقيعها على مرتكب جريمة القتل الخطأ المؤثمة بالمادة
342 من ذات القانون بما نص عليه في المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي من
أنه " تسري في شأن جرائم الحدود و القصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية
." وبالمادة 331 منه من أنه " مع عدم الإخلال بالحق في الدية المستحقة
شرعاً يعاقب من أرتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل ـــ ومن بينها
جريمة القتل الخطأ ـــ بالعقوبات المبينة بها وذلك في الحالات التي يمتنع فيها
توقيع عقوبة القصاص ." بما مؤداه أنه يتعين على القاضي الجزائي أن يقضي
بالدية بإعتبارها عقوبة مقررة بحكم الشريعة الإسلامية والقانون، فلا يملك عدم
القضاء بها بحجة تنازل ورثة
المتوفى عنها أو عفوهم عن المتسبب بخطئه في موت مورثهم، ولا يتوقف القضاء بها على
طلب مُستحقها أو على تدخل من يدعي الضرر ليقيم نفسه مدعياً مدنياً بل تُوقعها
المحكمة من تلقاء نفسها، ولا ينال من ذلك أن الدية تحمل معنى التعويض الجابر للضرر
الذي أصاب ورثة المتوفى لأن التعويض في معنى هذه النصوص ليس مجرد تضمينات مدنية
صرف بل هي أيضاً جزاء له خصائصه من جهة أنها تلحق بالجاني مع العقوبة التعزيرية
إبتغاء تحقيق الغرض المقصود من العقوبة من ناحية كفايتها في الردع والزجر فهي مزيج
من الغرامة والتضمينات ملحوظ فيها غرضاً هو تأديب الجاني على ما وقع منه مخالفاً للقانون
وتعويض الضرر الذي تسبب في حصوله والعبرة في توقيعها هي بثبوت التهمة قبل المتهم،
فإن اخطأت المحكمة وغفلت عن توقيعها أو أخطأت في تحديدها قامت النيابة العامة
بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق بالدعوى الجزائية بالطعن على الحكم لتصحيح
ما اغفله أو أخطأ فيه، وفي كل الأحوال يبقى أمام ورثة المجني عليه في جريمة القتل
الخطأ الحق في اللجوء إلى المحاكم المدنية لاستيئداء التعويض المستحق لهم عن وفاة
مورثهم، ومن ناحية أخرى فإن القول بأن من له صفة الوارث يكتسب صفة في الدعوى
الجزائية تخول له استئناف الحكم أو الطعن عليه بالنقض، أو يكتسب صفة في الدعوى
المدنية دون أن يتخذ الإجراءات المحددة في القانون، هذا القول إنما يُفضي إلى
التعارض مع ما قرره المشرع من ندبه النيابة العامة ـــ وحدها ـــ لتقوم على مباشرة
الدعوى الجزائية بما نص عليه في المواد 55 من القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983م
في شأن السلطة القضائية الاتحادية و 7 ، 9 من القانون الاتحادي رقم 35 لسنة 1992م
بإصدار قانون الإجراءات الجزائية والمادة 55 من قانون تنظيم القضاء في إمارة رأس
الخيمة الصادر في سنة 2002 والتي جرت نصوصها على اختصاص النيابة العامة دون غيرها
برفع وتحريك الدعوى الجزائية ومباشرتها وحظر رفعها من غيرها إلا في الأحوال
المبينة في القانون، وذلك بواسطة النائب العام بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة
العامة وبالمادتين 230 ، 233 من قانون الإجراءات الجزائية التي اجازت للمتهم
وللنيابة العامة وحدهما استئناف الأحكام الصادر في الدعوى الجزائية من المحاكم الابتدائية
(المادة 230 ) ونظر الاستئناف بالنسبة للمدعي بالحقوق المدنية والمسؤول عنها
والمؤمن لديه والمتهم على الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من المحكمة
الابتدائية فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد عن
النصاب الانتهائي أو إذا وقع بطلان في الحكم أو الإجراءات أثر فيه ( المادة 233)،
كما يتعارض مع ما استقر عليه قضاء التمييز من أنه لا يُقبل من المدعي بالحقوق
المدنية ـــ ناهيك عن الوارث ـــ الطعن على الحكم الصادر في الدعوى الجزائية
بأسباب تتعلق بهذه الدعوى لإنعدام صفته إذ أن هذا الحق تختص به النيابة العامة
وحدها، كما يفضي إلى التعارض مع ما نصت عليه المادة 241 من قانون الإجراءات
الجزائية من أنه ليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله لمصلحة رافع
الاستئناف إذا كان مرفوعاً من غير النيابة العامة، وكل هذا وغيره إنما يُنتج حتماً
ما يخالف ويناقض القواعد والمبادئ الأساسية في التشريع والقضاء الجزائي وما لا
يسوغ في حكم المنطق والعقل؛ ومن ذلك: قيام سلطة الوارث في تحريك ومباشرة الدعوى
الجنائية أمام محكمة ثاني درجة على خلاف رأي النيابة العامة التي تكون قد ارتضت
حكم أول درجة، بل والتوصل إلى توقيع عقوبة على الجاني الذي برأته محكمة أول درجة
ولم تطعن النيابة العامة على الحكم الصادر بتبرئته بما يخالف القاعدة الأصوليه في
الإجراءات الجزائية بعدم جواز إضارة الطاعن بطعنه، أضف أنه يفتح باب الطعن في
الحكم أمام الورثة ـــ وقد يتعددوا ـــ دون تقيد بالمواعيد المضروبة في القانون
متى انقطع علمهم بالحكم الصادر في الدعوى الجزائية بعدم إعلانهم ـــ خاصة وأن
القانون لا يوجب إعلانهم به ـــ كما يؤدي
إلى السماح لورثة المجني عليه بالطعن في الأحكام الصادرة بالدية حتى بالمخالفة
لقاعدة النصاب الانتهائي . فإذا كان كل ذلك، فإنه يتعين القضاء بعدم جواز الطعن
عملاً بالمادة 33 / البند 1 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 م. لما كان
ذلك، وكان الطاعنون ليسوا بمحكوم عليهم بأية عقوبة، فإنهم لا يلزموا بسداد
التأمين، مما يتعين الأمر برد ما سددوه على هذا الوجه
فلهــذه
الأسبــاب
حكمت المحكمة : بعدم
جواز الطعن ورد التأمين، والزمت الطاعنين الرسوم القضائية.