الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي

حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة

-------------------------

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة


المؤلفة برئاسة السيد القاضى / عــــــبدالناصـــر الـــزناتي رئيس الدائرة
وعضــــــوية الســـــيدين القاضـــيين/ أحمد الشربيني و محمد عقبه
وحضــــور رئيس النيابــــــة العامـــــــة الســـــيد / أشرف خالد
وأمين السر السيد / سعد طلبه
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الثلاثاء 7 من شوال سنة 1437 هـ الموافق 12 من يوليو سنة 2016 م
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمــة بـرقـم 47 لسنـــة 11 ق 2016 جـزائي

المرفوع من /
الطاعن / …

ضــــــد
المطعون ضدها / النيابة العامة

الوقائـــــــــــــــــــــــع
 أتهمت النيابة العامة كل من 1- ...2- … 3- ... 4- ... 5- …. في قضية الجناية رقم 4133 لسنة 2015 رأس الخيمة بأنهم في يوم 28 من أكتوبر سنة 2014م بدائرة رأس الخيمة. المتهمون من الأول إلى الرابع.1- حازوا بقصد الإتجار والترويج مواد مخدرة ( الهيروين) على النحو الثابت بالأوراق.2- .. .. (الهيروين) داخل مؤسسة عقابية قاصدين الحاق الأذى بهما وذلك بأن أتفقوا على توفيره وطريقة تهريبه إليهما من السجن المركزي وذلك بتواصلهم هاتفياً وقيام الرابع منهم بوضعه المخدر في كبسولتين محكمتي الغلق داخل إحدى دورات مياه مستشفى صقر ليبتلعها الأول/ … ثم يخرجها بالتقيؤ ثم تعاطي مع الثاني .. جرعة زائدة مما أدى إلى وفاتهما على النحو المبين بالتحقيقات وتقرير الصفة التشريحية على النحو الثابت بالأوراق. المتهم الأول: قدم .. هو المتهم الخامس للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم له مبلغ مالي على سبيل الرشوة مقابل قيامه بمخالفة القوانين واللوائح الخاصة بجهة عمله والسماح بإدخال مواد ممنوع دخولها هي مخدر الهيروين وهواتف نقاله على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الخامس: وهو موظف عام في المنشآت الإصلاحية والعقابية برأس الخيمة طلب لنفسه وأخذ عطية هي مبلغ مالي من المتهم الأول من أجل الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وذلك بمخالفته القوانين واللوائح الخاصة بجهة عمله والسماح بإدخال ممنوعات إلى السجن المركزي مع النحو المبين بالتحقيقات. المتهمون جميعاً: أدخلوا ممنوعات (مخدر الهيروين) وهواتف نقالة داخل المنشأة العقابية والإصلاحية خلافاً للقوانين واللوائح والقرارات المنظمة لها حال كون المتهم الخامس موظفاً عمومياً بها. وطلبت عقابهم بالمواد 44، 45، 47، 234، 237 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 والمواد 1/1، 6/1، 39، 44/1، 45/1، 3، 48، 56/1، 63، 65 من القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 بشأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2005 والمادة 61 من القانون الاتحادي رقم 43 لسنة 1992 في شأن تنظيم المنشآت العقابية. ومحكمة جنايات رأس الخيمة بعد ان استبعدت قصد الإضرار بالمتعاطي قضت من تهمة تسهيل التعاطي قضت بجلسة 30 من سبتمبر سنة 2015 حضورياُ أولاً:- وبإجماع الآراء بمعاقبة كل من المتهم الأول/ … والمتهم الثالث/ … بالإعدام بالوسيلة المتاحة في الدولة عن التهمتين الأولى والثانية والأخيرة للارتباط وبتغريم المتهم الأول ألف درهم عن تهمة إدخال هاتف نقال إلى المؤسسة العقابية. ثانياً:- بمعاقبة … بالسجن المؤبد عن التهم المسندة إليه للارتباط. ثالثاً:- ببراءة …من تهمة تقديم الرشوة. رابعاً:- ببراءة كل من … و…مما أسند إليهما ومصادرة المخدر المضبوط. أستأنف المحكوم عليه الرابع … وقيد استئنافه برقم 817 لسنة 2015، كما استأنف المحكوم عليه الثالث … وقيد استئنافه برقم 823 لسنة 2015 كما استأنف المحكوم عليه المحكوم عليه … وقيد استئنافه برقم 824 لسنة 2015 كما استأنفت النيابة العامة وقيد استئنافها برقم 874 لسنة 2015 رأس الخيمة ومحكمة استئناف رأس الخيمة قضت بجلسة 23 من فبراير سنة 2016 أولاً: بقبول الاستئنافات شكلاً، ثانياً: وفي موضوع الاستئنافات أرقام 817، 823، 824 لسنة 2015 حضورياً للمستأنفين الأول والثاني والثالث بمعاقبة كل من .. .. .. بالسجن المؤبد وبإبعاد كل من … … من البلاد عقب تنفيذ العقوبة وبمصادرة المخدر المضبوط. ثالثاً: وفي الموضوع استئناف النيابة العامة رقم 874 لسنة 2015برفضه. فطعن المحكوم عليه … في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز في 15 من مارس سنة 2016


المحكمــــــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي/ عضو اليمين وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة جوهر الهروين المخدر بقصد الترويج، وتسهيل تعاطيه داخل مؤسسة عقابية، وادخاله إليها خلافا للقوانين واللوائح، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام، واكتفي بالإحالة على أسباب الحكم المستأنف دون أن يورد أسباباً مستقلة لقضائه، ولم يدلل على علم الطاعن باحتواء العلبة التي دسها في دورة مياه المستشفى ليلتقطها احد السجناء على مخدر الهيروين، وأشاح عما ساقه الدفاع من أسانيد لدفاعه بانتفاء ركن العلم في حق الطاعن منها أن حظر التبغ داخل المؤسسات العقابية كان الدافع الى سلوك الحيطة والحذر الذى توخاه في توصيل العلبة إلى السجين، وانه لا صلة بباقي المتهمين وبالمسجونين الذين وافتهما المنية أثر تناول جرعة زائدة من محتوى العلبة، ولا سوابق له في التعامل بالمخدرات، واثبت التحليل خلو سوائله الحيوية من أثار تعاطيها، واطرح الحكم دفاعه بانتفاء قصد الترويج برد قاصر غير سائغ، وتساند على أقاويل له اعتبرها اعترافا مع انها ليست نصا في ارتكاب الجريمة، وأسقط من أقوال الشاهد التاسع امام محكمة الموضوع ان تحرياته أسفرت عن الطاعن لم يكن يعلم بأن ما بداخل علبة التبغ جوهر مخدر، وعول على أقوال الشاهد العاشر رغم عدم دقتها وتناقضها في شأن ثبوت تعاطى الطاعن للمواد المخدرة، وعلى تحريات الشرطة رغم أنها تحتمل الصدق والكذب ولا تصلح دليل، ولم يفطن إلى دفاعه بتلفيق الاتهام، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها, وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بهم و أورد على ثبوتهم في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وجاء استعرض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة؛ مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام ولا محل له. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها, إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد تصدى للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدي الطاعن واطرحه في قوله "ولما كانت المحكمة قد أطمأنت إلى ما شهد به النقيب … من أن المتهم الرابع كان يعلم بأن ما يدسه للمتوفي بدورة مياه المستشفى هي مادة مخدرة سيما وأن ظروف وملابسات الواقعة تنطق بذلك فالمتهم قام بالتنسيق مع المتهم الأول وهو سجين على ذمة قضية مخدرات وقام بإخفاء المخدر بلصقه خلف المرحاض ثم أستمرت الاتصالات بينه وبين المتهم الأول حتى بلغت أحدى عشر اتصالا عقب وضعه المخدر وفقا لما هو ثابت بمحضر التحريات وما به من كشف الاتصالات وهو ما تطمئن معه المحكمة إلى توافر العلم والإدراك لدى المتهم وإذ أطمأنت الى ذلك .." لما كان ذلك، وكان تقصى العلم بحقيقة المخدر هو من شئون محكمة الموضوع ، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت ـ من ظروف الدعوى وملابساتها علم الطاعن بكنه الجوهر المخدر المضبوط وردت في الوقت نفسه - على النحو المار سرده ـ على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق، يتحقق به توافر العلم في حقه، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة التمييز، ومن ثم فلا وجه لما يعتصم به الطاعن في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكانت جريمة إحراز الجواهر المخدرة بقصد الترويج إنما تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال إيجابية - أيا كانت يهدف من ورائها إلى أن يُرغب في استعمالها وييسر للشخص الذي يقصد تعاطيها تحقيق هذا القصد وذلك بوضع تلك المادة تحت تصرفه ورهن مشيئته وهي وقائع مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما إنها تقيمها على ما ينتجها, وإذ كان ما ساقته المحكمة من ظروف الدعوى و ملابساتها و بررت به اقتناعها بإحراز الطاعن لجوهر الهيروين المخدر كان بقصد الترويج كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك القصد في حقه فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع، والمحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن الاعتراف الذى أخذ به الطاعن ورد نصاً في الاعتراف بالجريمة واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا يغير من إنتاجه عدم اشتماله على توافر علم الطاعن بكنه المادة التي كانت في العلبة التي دسها في دورة مياه المستشفى ليلتقطها السجين، ذلك أنه لا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة - وهو ما لم يخطئ فيه الحكم، هذا فضلا عن أن الخطأ في تسمية أقوال الطاعن اعتراف - على فرض وقوعه - لا يعيب الحكم طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به وحده والحكم على الطاعن بغير سماع شهود، بل بنت معتقدها كذلك على أدلة أخرى عددتها، و من ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك، و كان من المقرر أنه لا يلزم قانونا إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد؛ لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها؛ لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به مادام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بترّ لفحواها أو مسخّ لها بما يُحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ـ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـ و من ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله تحصيل ما جاء بأقوال الشاهد التاسع من ان تحرياته اسفرت عن عدم علم الطاعن بأن ما بداخل العلبة جوهر الهيروين المخدر- على النحو الذى يردده بأسباب طعنه - لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد أو اختلاف روايته في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة- كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، بما يفيد إطراحها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن الرسوم القضائية.
 
ملاحظة : -
الهيئة التي سمعت المرافعة و تداولت و وقعت على مسودة الحكم :
برئاسة المستشار / علاء مدكور وعضوية القاضيين السيدين / عبدالناصر الزناتي و أحمد الشربيني