الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي

حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة

-------------------------

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة



المؤلفة برئاسة السيد القاضى / عـــــــلاء مــــدكـــور رئيس الدائرة
وعضــــــوية الســـــيدين القاضـــيين/ عــــــبدالناصـــر الـــزناتي و أحمد الشربيني
وحضــــور رئيس النيابــــــة العامـــــــة الســـــيد / أسامة عـــــبد المعـــز
وأمين السر السيد / سعد طلبه
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم 12 من رجب سنة 1437 هـ الموافق 19 من إبريل سنة 2016 م
في الطعون المقيـــدة فـي جدول المحكمة بـأرقام 46 ، 49 ، 52 لسنـــة 11 ق2016 جـزائي

أولاً: الطعن رقم 46 لسنة 2016.جزائي
المرفوع من/ … ضــــــد المطعون ضدها / النيابة العامة

ثانياً: الطعن رقم 49 لسنة 2016. جزائي
المرفوع من / … ضدها / النيابة العامة

ثالثاً: الطعن رقم 52 لسنة 2016 جزائي.
المرفوع مــن /… ضـــــد المطعون ضدها / النيابة العامة 

الوقائـــــــــــــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة كل من 1- …. 2- …. 3- ….4- …. في قضية الجناية رقم 316 لسنة 2015 رأس الخيمة بأنهم في يوم 1 من فبراير سنة 2015 بدائرة رأس الخيمة. – المتهم الأول: 1- أحرز مخدر الحشيش بقصد الإتجار والترويج في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق. 2- أحرز مؤثر عقلي (الترامادول) بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق. 3- تعاطى مادة مخدرة ( النيتراهيدروكينابنول) المادة الفعالة للحشيش في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق.4- تعاطى مؤثرات عقلية (الكلونازبيام والترامادول) في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق. المتهم الثاني:1 - أحرز مخدر الحشيش بقصد الإتجار والترويج في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق. 2- أحرز مؤثر عقلي (الترامادول) بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق. المتهم الثالث: 1 - حاز مخدر الحشيش بقصد الإتجار والترويج في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق. 2- حاز مؤثر عقلي (الترامادول) بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق. المتهم الرابع: 1- نقل مادة مخدرة (الحشيش) من مكان لآخر داخل إمارة رأس الخيمة بدون ترخيص على النحو الثابت بالأوراق. 2- أحرز مادة مخدرة (الحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق.
3- نقل مؤثر عقلي (الترامادول) من مكان لآخر داخل إمارة رأس الخيمة بدون ترخيص على النحو الثابت بالأوراق.4- أحرز مؤثر عقلي ( الترامادول) بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 1، 6، 7، 17، 40/ 1-2، 48/2، 49/2 - 3، 56، 63، 65 من القانون رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المعدل بالقانون 1لسنة 2005 والجدول أرقام 1، 5، 8 المرفقة بذات القانون. ومحكمة جنايات رأس الخيمة قضت بجلسة 29 من نوفمبر حضوريا : أولاً: بمعاقبة المتهمين … ، … ، … بالسجن المؤبد عن التهم المسندة إليهم للارتباط. ثانياً: بمعاقبة المتهم ... بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريمه مائة ألف درهم عما أسند إليه من إتهام مع مصادرة المضبوطات والأدوات المستخدمة في الجريمة وأمرت بإبعاد المتهمين جميعا عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة. استأنف المحكوم عليه … وقيد استئنافه برقم 1046 لسنة 2015 رأس الخيمة. كما استأنف … وقيد استئنافه برقم 1060 لسنة 2015، كما استأنف … وقيد استئنافه برقم 1076لسنة 2015. كما استأنفت المحكوم عليه … وقيد استئنافه برقم 1088 لسنة 2015 ومحكمة استئناف جنايات رأس الخيمة قضت بجلسة 23 من فبراير 2016 حضوريا: أولا: بقبول الاستئنافات شكلاً ثانيا: وفى موضوع الاستئنافين رقمي 1060، 1076 لسنة 2015 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. ثالثا: وفى موضوع الاستئناف رقم 1088 لسنة 2015 بتعديل الحكم المستأنف وبمعاقبة المستأنف … .بالسجن لمدة عشرة سنين وتغريمه مائة ألف درهم عما اسند إليه وإبعاده عن البلاد عقب تنفيذ الحكم. رابعاً: وفى موضوع الاستئناف رقم 1046لسنة 2015بالغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المستأنف/ … مما اسند إليه مع مصادرة المخدرات المضبوطة. فطعن المحكوم عليه/ … في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز في 16 من مارس سنة 2016 كما طعن المحكوم عليه/ … بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 21 من مارس سنة 2016، كما طعن المحكوم عليه … بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 23 من مارس سنة 2016.


المحكمة.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / عضو اليمين وبعد المداولة. من حيث أن الطعون استوفت الشكل المقرر في القانون.
أولا : الطعن رقم 52 لسنة 2016 جزائي : من حيث أن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون. وحيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة نقل جوهر الحشيش المخدر ومؤثر الترامادول العقلي بدون ترخيص وإحرازهما بغير قصد من القصود وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في الإدانة على أقوال المتهمين الأول والثاني بالاستدلالات مع أنه في معرض خلافات أسرية معهما فضلاً عن أنهما عدلا عنها في تحقيقات النيابة العامة ونفيا وجود أي دور للطاعن في الواقعة بما لا يسوغ معه التعويل عليها، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه. وحيث أن الحكم الابتدائي بين واقعة الدعوى حسبما صورتها سلطة الاتهام بما حاصله أن التحريات السرية للشاهد الأول أسفرت عن حيازة المتهم الأول كمية من المواد المخدرة بقصد الترويج فأستصدر إذنا من النيابة العامة لضبطه وتفتيشه، ثم أنتقل إلى مكان الضبط بالقرب من دوار المطار، حيث شاهد المتهم الأول يقود سيارته وبجواره المتهم الثاني اللذان ما أن شاهدا سيارات الشرطة تقترب منهما حتى لازا بالفرار عكس اتجاه الطريق وأخذ المتهم الثاني يتخلص من المضبوطات من خلال نافذة السيارة فلاحقتهم أحدى سيارة الشرطة بقيادة الشرطي .. والشرطي .. وتمكنت من صدم سيارة المتهمين من الخلف واجبارهما على التوقف وتم ضبط المتهم الثاني داخل السيارة فأرشد عن مكان ما تبقى من المضبوطات داخلها كما أرشد عن مكان تخلصه مما القاه منها فتم العثور عليه وضبطه، وكان المتهم الأول قد تمكن من مُغادرة السيارة محاولا الفرار بالاختباء داخل أحدى سيارات النقل المتواجدة بالمكان بيد أنه تم ملاحقته والعثور عليه وضبطه في الحال، وتم إجراء تحليل عينة بول فتبين أن عينة الأول إيجابية للترامادول والحشيش وأن عينة الثاني سلبية، وقرر المتهم الأول أنه من متعاطي مخدر الحشيش والترامادول وأنه طلب شراء كمية من المؤثرات العقلية لقاء خمسة آلاف درهم من المتهم الثالث فاتفقا على ذلك وكان على تواصل معه من داخل السجن عن طريق الهاتف النقال لإرشاده عن مكان استلام الكمية المضبوطة، وأضاف هو والمتهم الثاني أن الأول توجه في اتجاه مكان التسليم بسيارته ولحق به الثاني والطاعن بسيارة الطاعن وبالتقائهم تركوا سيارة المتهم الأول واستقلوا جميعا سيارة الطاعن بعد فك لوحاتها المعدنية وتوجهوا إلى مكان تواجد الكمية حسب الإرشاد التليفوني من المتهم الثالث للمتهم الأول، وبالوصول إلى المكان المحدد قام الطاعن الأول بالتقاط كيس اسود من الأرض بداخله الكمية ووضعه بالسيارة وعادوا إلى مكان توقف سيارة المتهم الأول وقام الطاعن بنقل الكمية من سيارته إلى سيارة المتهم الأول، ثم أنطلق رفقة المتهم الثاني بسيارته إلى منزله، كما أنطلق المتهم الأول إلى وجهته بيد أنه شعر بدورية الشرطة تجوس المكان فغير اتجاهه إلى منطقة …، وأوقف سيارته هناك، وتواصل تليفونياً مع المتهم الثاني للحضور لنقله إلى منزله، فتوجه إليه المتهم الثاني وقام باصطحابه من موقعه إلى منزله، وبعد ذلك، طلب الأول من الثاني مرافقته في العودة إلى الموقع الذى أوقف فيه سيارته بمنطقة … لإحضار تليفونه منها، فعادا إلى الموقع بسيارة أخرى مملوكة للأول، حيث قام بنقل المضبوطات إلى السيارة التي قدما بها، فلاحقتهما دورية الشرطة إلى أن تم القبض عليهما على النحو السالف ذكره. وبناء على أقوال المتهمين لضابط الواقعة اجرى تحريات أسفرت عن أن المتهم الثالث هو الرأس المدبر للواقعة من داخل سجنه وأنه كان على تنسيق دائم مع المتهم الأول بالهاتف النقال، وعلى ضوء تلك التحريات استصدر إذن من النيابة العامة لتفتيش سجنه ومتعلقاته الشخصية لضبط الهاتف النقال وسيلة التنسيق وإخضاعه لتحليل البول، بيد أن التفتيش لم يسفر عن شيء يذكر كما أن التحليل أعطى نتيجة سلبية لتعاطى المخدرات والمؤثرات العقلية. وساق الحكم على ثبوت الواقعة أدلة استمدها من أقوال كل من ضابط الواقعة النقيب .. مدير فرع مكافحة المخدرات برأس الخيمة، والملازم …،والرقيب …، والشرطي أول ..، والعريف …، واعتراف المتهم الأول وإقرار المتهم الثاني والرابع وما جاء بتقرير معامل الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة بدبى. وقد حصل الحكم أقوال ضابط الواقعة بما لا يخرج عما أورده بيانا للواقعة، وأضاف بأنه اجرى تحريات لاحقة للضبط فتبين أن الطاعن كان يراقب الطريق حال الضبط، وأورد الحكم أقوال الملازم … بما محصله أنه اجرى إفادة شفاهية للمتهمين الأول والثاني فقررا له أن الطاعن كان على علم بطبيعة المضبوطات وساعدهما في نقلها وأضاف بأن قصد المتهم الأول والثاني كان ترويج المضبوطات، كما أورد الحكم أقوال الرقيب … بما مؤداه أن دوره كان المساعدة في تنفيذ إذن النيابة وأنه لاحق المتهم الأول عقب هروبه من السيارة وقام بضبطه مختبئا داخل سيارة نقل كبيرة وسلمه للشاهد الأول، ثم حصل الحكم أقوال باقي فريق الضبط بما لا يخرج عن مضمون أقوال الشاهد الأول وحصل اعتراف المتهم الأول بتحقيقات النيابة وأمام المحكمة بأن المضبوطات تخصه وأنه اشترها من المتهم الثالث بمبلغ خمسة آلاف درهم لتعاطيها ونسق معه تليفونيا لاستلامها، وكان برفقته المتهم الثاني أثناء الاستلام وأضاف بأنه يتعاطى مخدر الحشيش والمؤثرات من مدة وحصل الحكم إقرار المتهم الأول والثاني بالاستدلالات بأن المتهم الرابع قام بنقل المخدرات من سيارته إلى سيارة المتهم الأول وهو يعلم بطبيعتها، وحصل إقرار المتهم الرابع بتحقيقات النيابة العامة بأن المتهم الرابع كان متواجد معه بمنزلة لصلة القرابة وقد اتصل به المتهم الأول للحضور إليه ليلا لنقله من مكانه لعطل في سيارته، وأضاف الحكم بأن التقرير الفني اسفر عن أن المضبوطات العينة كيس من البلاستيك به عدد اثنين قطعة تزن إجمالاً 1017 جرام هي لجوهر الحشيش المخدر وأن العقار المضبوط مؤثر الترامادول العقلي وعرض الحكم المطعون فيه لتبرئة المتهم الثالث وسبب براءته بما نصه ((وحيث أن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بطروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي وداخلتها الريبة في عناصر الإثبات فأنها ترجح دفاع المستأنف بعدم صلته بالواقعة الأمر الذي يجعل المحكمة تتشكك في صحة استناد التهمة إلى المستأنف وأن عقيدة هذه المحكمة على ما استيقنته من استقرائها لأوراق الدعوى لا يرتاح إليها ضميرها ووجدانها لمسايرة سلطة الاتهام فيما ذهبت إليه من إسناد التهم المسندة للمستأنف الحيازة بقصد الإتجار لمخدري الحشيش والترامادول وكذلك لا تساير محكمة أول درجة فيما أوردته من أسباب لإدانته إذ أن الأدلة التي ركنت إليها تحوطها ظلال كثيفة من الشكوك والريب بما لا تطمئن معه المحكمة إلى صحة ذلك الاتهام وآية ذلك :1 - أن الضابط مجرى التحريات لم يشر إلى أن المستأنف … يتجر مع المستأنف … في المواد المخدرة بل أقتصر في تحرياته إلى المستأنف الأخير وطلب الأذن بضبطه وتفتيشه فقط 2- أن المستأنف لم يتم ضبطه على مسرح الجريمة بل حسب الثابت بالأوراق أنه مسجون.3- أن الضابط أثبت في محضر تحرياته بشأن طلب الأذن ضبط المستأنف والهاتف الذي يستخدمه المستأنف في إدارة عملية الإتجار مع المستأنف … ولم يتم ضبط ذلك الهاتف وكذلك لم بقم الضابط بضبط الهاتف الخاص بالمستأنف .. لتفريغ المكالمات الصادرة والواردة منه للوقوف على حقيقة ما تضمنته هذه التحريات وليسط المحكمة رقابتها على أدلة الدعوى .4- أن ما أثبته الضابط مجرى التحريات تم بعد واقعة ضبط المستأنفين .. ، .. وتم على أساس إبلاغ المستأنفين له بدور المستأنف المسجون … في إدارة عملية الإتجار من داخل السجن 5- أن المستأنفين بتحقيقات النيابة العامة نفوا ما شهديه الضابط مجرى التحريات بشأن المستأنف بل ذكر المستأنف .. أن من قام بالتواصل معه هاتفياً يدعى … ولم يذكر أسمه ثلاثيا أو أوصافه ولم يذكر أنه كان يحدثه من داخل السجن فكم شخص يدعى … .6- المحكمة لا تطمئن إلى تحريات الضابط في هذا الشأن لأنها بنت على معلومات فقط دون أن تجرى بشأنها تحريات جدية إذ أنصبت على إفادة المستأنفين سالف الذكر للضابط الشفاهية ولم يثبت بالأوراق اتهامها للمستأنف الماثل بشيء ولما كانت أقوال متهم على متهم وأن كان للمحكمة أن تأخذ بها إذا عززتها أدلة أخرى أو قرائن إلا أنها إذا لم تؤيدها أو تعززها أدلة أخرى فأن المحكمة لا تعول عليها إذ قد يتطرق إليها الاحتمال والشك والانتقام .7- ولما كانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، ولما كان الشك قد تطرق إلى وجدان المحكمة ومن ثم فقد أنتفى اليقين المتطلب للمتهم بالإدانة .ولما كانت الدعوى على السياق المتقدم قد خلت من دليل يصح على إدانة المستأنف بمقتضاه سوى قالة ضابط الواقعة والمقال أنها تحريات والتي بنيت على مجرد معلومات دحضها المستأنفان … …. ولا ينال من ذلك أن المستأنف مسجون على ذمة قضايا إتجار في المخدرات إذ المحكمة لا تأخذه إلا بدليل يقيني صحيح لأنه )) وهذا الذي ذكره الحكم تسبيباً لبراءة المتهم الثالث مع إدانة الطاعن ينطوي على التناقض والقصور، ذلك بأن الاعتبارات التي ساقها في سبيل تبرئة ذلك المتهم تأسيساً على أن التحريات التي صدر بناء عليها إذن القبض والتفتيش أنصبت على المتهم الأول فقط، وما قاله الحكم من أن المتهم الثالث لم يضبط على مسرح الجريمة وأن ما أثبته الضابط من دورٍ للمتهم الثالث كان بناء على إقرار المتهمين الأول والثاني، وأنهما نفيا بتحقيقات النيابة وجود هذا الدور للمتهم الثالث وأن تحريات الضابط بُنيت على أقوال المتهمين الأول والثاني دون أن تجرى بشأنها تحريات جدية، وأن أقوال المتهمين الأول والثاني تطرق إليها الشك، هذه الاعتبارات التي أوردها تصدق بالنسبة إلى الطاعن التي أحاطت به نفس الظروف التي أحاطت بالمتهم الثالث المحكوم ببراءته فكانت إدانته مع قيام ذات الاعتبارات المادية بالنسبة إليه تحمل معنى التناقض في الحكم، ولا يعترض بأن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشهود، لأن ذلك حده أن يكون فيما يمكن فيه التجزئة بأسباب خاصة بمتهم أو متهمين بذواتهم لا اعتبارات عامة تنصرف إلى كل المتهمين وتصدق في حقهم جميعاً، وإذ ما كانت أقوال الشهود كما أوردها الحكم واستدل بها جمعت بين الطاعن والمتهم المقضي ببراءته معه في إطار واحد، فلا يمكن إفراد الطاعن بوضع مستقل بغير مرجح لا سند له من الحكم ولا شاهد عليه، هذا فضلاً عن أن الحكم بعد أن عول في إدانة الطاعن على أقوال المتهم الأول والثاني عاد وأطرح أقوالهما قبل المتهم الثالث واستند في ذلك إلى أنها أقوال متهم على متهم قد يتطرق إليها الاحتمال والشك والانتقام؛ وعلى هذا النظر كان قضاؤه ببراءته؛ وهو ما يعيب الحكم بالتناقض في التسبيب بحيث لا يبين منه أن كانت المحكمة قد كونت عقيدتها أيضاً على أساس كفاية أقوال متهم على متهم في الإثبات، أم عدم كفايتها كما فعلت بالنسبة للمتهم الثالث وهو ما يعجز محكمة التمييز عن تفهم مراميه، ولا يصح التحدي بحق محكمة الموضوع في تجزئة إقرار المتهم، ذلك أنه وأن كان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ من إقرار المتهم في حق نفسه وحق غيره بما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون أن تلتزم ببيان علة ما ارتأته، إلا أنها متى تعرضت إلى بيان المبررات التي دعتها إلى تجزئة الإقرار فيجب ألا يقع تناقض بينها وبين الأسباب الأخرى التي أوردتها في حكمها بما من شأنه لا يجعلها متخاذلة متعارضة لا تصلح لأن ينبني عليها النتائج القانونية التي رتبها الحكم عليها. لما كان ما تقدم، فأن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.
ثانيا : الطعن رقم 46 لسنة 2016جزاء :
ثالثا: الطعن رقم 49 لسنة 2016 جزاء : من حيث أن هذين الطعنان قد أقيما عن ذات الحكم المطعون فيه وكانت المحكمة قد خلصت بقضائها السابق في الطعن رقم 52 لسنة 2016 جزاء إلى نقضه والإعادة، وكانت إعادة المحاكمة بالنسبة للطاعن وما تجر إليه أو تنتهى عنده تقتضى لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الواقعة - بالنسبة للطاعنين جميعا في جميع نواحيها مما يتعين معه نقض الحكم أيضاً في الطعنين الماثلين دون حاجة لبحث أسبابهما على أن يكون مع النقض الإعادة
 
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة:

بقبول الطعون شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة للطاعنين جميعاً .