الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي

  حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة

 

-------------------------

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة

 

المؤلفة برئاسة السيد القاضى /  عـــــــلاء مــــدكـــور                        رئيس الدائرة
وعضــــــوية الســـــيدين القاضـــيين/ عــــــبدالناصـــر الـــزناتي  و أحمد الشربيني 
وحضــــور رئيس النيابــــــة العامـــــــة الســـــيد / أسامة عـــــبد المعـــز
وأمين السر السيد / سعد طلبه                                                         

في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الثلاثاء 28 جمادى الأول 1437 هـ الموافق 8 من مارس سنة 2016 م
في الطعـنين المقيـــدين فـي جــدول المحكمــة بـرقـمي  2 ، 10 لسنـــة   11 ق 2016 جـزائي

أولا: الطعن رقم 2 لسنة 2016 جزاء رأس الخيمة.

المرفوع من /النيابة العامة

 ضــــــــد  / 1- …. 2-….3- …. 4- ….

ثانياً: الطعن رقم 10 لسنة 2016 جزاء رأس الخيمة.

المرفوع من /1- …. 2-…. 3- …..

ضد / النيابة العامة.


 

الوقائـــــــــــــــــــــــع

أتهمت النيابة العامة كل من …… بأنهم في يوم 18من سبتمبر سنة 2015 بدائرة رأس الخيمة المتهمون الأول والثاني والثالث والرابع : تسببوا بخطئهم في موت المجني عليهما " ..." وكان ذلك نتيجة اخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم ولم يتخذوا إجراءات السلامة والإنقاذ اللازمة لمواجهة حالة الطوارئ الناجمة عن سقوط المجني عليهما في الماء أثناء ممارستهما لعبة المنطاد البحري التي نظمتها شركة مغامرات الرياضة وأهدروا جميعاً الوقت الثمين الذى كان يمكن انقاذ المجني عليهما خلاله وتبطأوا كل حسب تخصصه في التوجه إلى موقع نزول المنطاد في مياه البحر منذ لحظة فقد السيطرة عليه أثناء وجوده في الهواء وقبل سقوطه فعلياً مما ترتب عليه بقاء المجني عليهما عقب سقوط المنطاد واستمرار ربط أحزمة المنطاد حولهما فترة طويلة نسبياً دون محاولة انقاذ فعليه وحقيقيه مما ترتب عليه موتهما غرقاً على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الخامس بصفته ممثل الشخصية الاعتبارية " مالك شركة ........." تسبب العاملون لديه " المتهمون الأربعة الأول بخطئهم في موت المجني عليهما سالفي الذكر نتيجة اخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم على النحو المبين بوصف التهمة الأولى. وطلبت عقابهم بالمواد 65 ، 342/1،2 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح رأس الخيمة قضت بجلسة 9 من نوفمبر سنة 2015  حضورياً: في حق جملة المتهمين بحبس كل واحد من المتهمين الأربعة الأوائل مدة شهر واحد وتغريم المتهم الخامس بثمانية آلاف درهم من أجل ما نسب إليهم وإلزامهم بأن يؤدوا بالتضامن فيما بينهم لورثة المجني عليهما دية شرعية قدرها ثلاثمائة ألف درهم. استأنفت النيابة العامة هذا الحكم ، كما استأنف المتهمون .. ومحكمة استئناف رأس الخيمة قضت بجلسة 16 من ديسمبر سنة 2015 حضورياً : بقبول الاستئنافات شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا أولاً: بتغريم كل من المتهمين الأول والثالث مبلغ خمسة آلاف درهم ، وتغريم المتهم الخامس مبلغ ثمانية آلاف درهم ، مع الزامهم بأداء الدية الشرعية وقدرها أربعمائة ألف درهم نصفها وقدره مائتي ألف درهم يدفعه كل من المتهمين الأول والثالثة بالمناصفة بينهما والنصف الأخير يدفعه المتهم الخامس ، وذلك لورثة المجني عليهما تقسم بينهم طبقاً للأنصبة الشرعية. ثانياً : ببراءة المتهمين الثاني والرابع مما أسند إليهما من اتهام.. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز في 7 من يناير سنة 2016، كما طعن المحكوم عليهم ….. في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز في 17 من يناير سنة 2016.


 

المحكمــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / عضو يمين الدائرة والمداولة. حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة القتل الخطأ الناجم عن أخلاله بما تفرضه عليه أصول مهنته قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، ذلك بأنه بعد أن انتهى سائغاً إلى إدانة المتهم الأول قضى ببراءة المطعون ضده رغم أنه توافر في حقه ذات ركن الخطأ الذى اثبته الحكم المطعون فيه في حق المتهم الأول فضلاً عن وحدة الواقعة ،و إذ انتهت المحكمة إلى أن ظروف المطعون ضدهم و الجريمة المسندة إليهم تستدعي الرأفة فأعملت ما نص عليه البند ( ب ) من المادة 9 على حين أنها مقيدة في استعمال هذه الرخصة بإعمال ما نص عليه البند ( أ ) من ذات المادة و التي نصت على أنه إذا كان للعقوبة حد أدنى خاص فتقتصر سلطة المحكمة في تخفيف العقوبة على عدم التقيد بهذا الحد الأدنى، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه . وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده في قوله "أما بالنسبة للمتهم الثاني … ، مساعد قائد المركب ، فإن دوره ينحصر – على نحو ما قرره بالتحقيقات- في وضع الحزام الخاص بالمنطاد على وسط اللاعب والتأكد من أحكام وضعه الصحيح وأخبار اللاعب عن كيفية فك الحزام والتخلص من الباراشوت في حالة أوشك على السقوط في الماء ويعلمه كيف يتحكم في توازن المنطاد أثناء اللعبة ثم اخبار قائد المركب بأن اللاعب جاهز فيقوم بالتحرك فيتحكم هو في رفع وإنزال الباراشوت ، ويظل المتهم مكانه على القارب يراقب الباراشوت واللاعب أثناء اللعبة ووفقاً لظروف الحادث على النحو الوارد بالتقرير الفني سالف الذكر وعلى نحو ما قرره المتهم بالتحقيقات ، فإن المحكمة تطمئن إلى أن المتهم الثاني قد أدى دوره في حدود اختصاصه كمساعد لقائد القارب ولم يصدر عنه ثمة خطأ يستوجب مسئوليته عن الحادث ذلك أن خطأ المتهم الأول قائد القارب قد انحصر في إساءته تقدير الموقف عند توقف المحرك عن التشغيل بعدم اتخاذه القرار الصائب بالإبلاغ عن الخطر الذى يتهدد المجنى عليهما مبكراً ، ومن بعده اتخاذ القرار غير الصحيح بالسباحة لمسافة طويلة نسبياً بدلاً من معاودة الإبلاغ ومن ثم فإن المتهم الثاني باعتباره مساعد لقائد المركب ليس مسئولاً عن اتخاذ القرار في مثل هذه المواقف الطارئة ولكن مسئوليته تنحصر في تنفيذ الإجراءات التي يتخذها قائد المركب ويأمره بتنفيذها ، وهو ما قام به بالفعل إذ قرر بالتحقيقات أن المتهم الأول – قائد القارب – طلب منه القفز في الماء فقفز ثم تبعه المتهم الأول وسبحاً نحو سقوط المجني عليهما، سيما وأن التقرير الفني قد جاء في ذات السياق فلم يحمل المتهم الثاني ثمة مسئولية عن ارتكاب الحادث وأورد في شأنه ما يدل على ذلك " أما ما يخص مساعد قائد القارب فقد تبين إجادته للسباحة وأن عمله يقتصر فقط على أعمال بسيطة ومساعدة الضيوف والسائحين" ناهيك عن انكار المتهم للتهمة المسندة إليه بتحقيقات النيابة العامة" . لما كان ذلك، وكان ما استخلصته المحكمة هو محض تقدير لا محل لمناقشته أمام محكمة النقض، وكان البين من مدونات الحكم المتكاملة أنه لا تناقض بين تبرئة المطعون ضده وإدانة المتهم الأول. فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً بالنسبة للمطعون ضده الأول (…). أما بالنسبة لباقي المطعون ضدهم فإنه لما كان من المقرر أنه متى كانت عباره القانون واضحه لا لبس فيها فأنه يجب أن تعد تعبيراً أصادقاً عن إرادة المشرع فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك، ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه. لما كان ذلك، و كانت المادة 99 من قانون العقوبات ــــ الواجبة التطبيق إذا رأت المحكمة في جنحة أن ظروف الجريمة أو المجرم تستدعي الرأفة وفقاً للمادة 100 من ذات القانون ــــ تنص على أنه " إذا توافر في الجنحة عذر مخفف كان التخفيف على الوجه آلاتي

(أ)  إذا كان للعقوبة حد أدنى خاص فلا تتقيد به المحكمة في تقدير العقوبة ( ب ) و إذا كانت العقوبة الحبس و الغرامة معاً حكمت المحكمة بإحدى العقوبتين فقط ( حـ ) و إذا كانت العقوبة الحبس غير المقيد بحد أدنى خاص جاز للمحكمة الحكم بالغرامة بدلاً منه "، و كان البين من سياق النص أنه ربط سلطة القاضي في استعمال الظروف المخففة بالعقوبة المقررة لكل جريمة ، فأفرد لكل حالة بنداً خاصاً يسمح للقاضي في نطاقه استعمال حقه في تقدير العقوبة المناسبة لها فخصص البند ( أ ) للجنح التي تدور عقوباتها بين الحالات الآتية :
1-  الحبس والغرامة المقيدان أو المقيد أحدهما بحد أدنى خاص  2-  الحبس أو الغرامة المقيدان أو المقيد أحدهما بحد أدنى خاص 3-  الغرامة المقيدة بحد أدنى خاص و هو ما يدل عليه إطلاق تعبير العقوبة بمستهل النص كما خصص البند  ( ب ) للجنح المعاقب عليها بالحبس والغرامة الغير مقيدين بين بحد أدنى خاص و هو ما يدل عليه سياق النص ، وما يتفق مع قواعد العدالة و تدرج العقاب و الحالات التي تُسوغ تخفيفه وفقاً لجسامة الجرائم ، كما خصص البند  ( ح ) للجنح المعاقب عليها بالحبس غير المقيد بحد أدنى خاص ،  فإذا كان ذلك فإنه لا يجوز للقاضي الخروج عن تلك القواعد المحددة أو صرف إحداها إلى غير الحالات التي قصد إليها المشرع أو الجمع بينها إذ أن لكل منها نطاقها المحدد في إطار الاعتبارات سالفة الذكر لما كان ذلك ، و كانت العقوبة المقررة في المادة 342 /1 ،2  من قانون العقوبات لجريمة القتل الخطأ نتيجة إخلال الجاني بما تفرضه عليه أصول مهنته ــــ 
و هي الجريمة ذات العقوبة الأشد التي نُسبت للمطعون ضدهما ــــ هي الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة ومن ثم فإذا كانت المحكمة قد رأت ظروف الجريمة أو مرتكبها تستدعي الرأفة ،  فإنه كان يتعين عليها إعمال البند  (أ) من المادة 99 من قانون العقوبات فلا تتقيد بالحد الأدنى الخاص المقرر لعقوبة الحبس بالإضافة لتوقيع عقوبة الغرامة دون أن يكون لها ، أن تُعمل نص البندين ( ب ) أو ( حـ ) من المادة سالفة الذكر لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ،  فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان تصحيح الخطأ الذي أنبنى عليه الحكم المطعون فيه في هذه الحالة لا يخضع لأي تقدير موضوعي بعد أن أثبت الحكم صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضدهما فإنه يتعين وفقاً للمادة 30 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة رقم 4 لسنة 2006 أن تقضى المحكمة بتصحيح الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف فيما أوقعه من عقوبة الحبس شهراً بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث، على أن يكون ذلك بالإضافة إلى عقوبة الغرامة المقضي بها بالحكم المطعون فيه.

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل الخطأ الناجم عن إخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يستظهر عنصر الخطأ وكيف انه أدى إلى غرق المجنى عليهما ورد  بما لا يسوغ على دفاعهم بأن الحادث مرده خطأ المجنى عليه والقوة القاهرة الناتجة عن التوقف المفاجئ الغير متوقع لمحرك القارب رغم صلاحيته الفنية واستيفائه جميع شروط الأمن والسلامة وفقا للتقرير الصادر من جهات الاختصاص، وخلا الحكم من التدليل على توافر علاقة السببية، والتفت عن أقوال شاهد كان على القارب شهد بأن الطاعن الأول لم يرتكب خطأ ما وبذل ما في وسعة لإنقاذ المجني عليهما وعول على التقرير الفني للهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية رغم أنه لم يجزم بأن الطاعنين جميعاً تسببوا في وقوع الحادث، وبُنى على الترجيح والاحتمال، ولم ترد المحكمة على أوجه دفاع الطاعنين والمستندات المؤيدة لها، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعنين بما مؤداه أن الطاعن الأول (…) قد خالف ما توجبه عليه أصول مهنته عندما تأخر في الاتصال بمدير التشغيل وكان عرضه لتقيم الموقف مبتوراً لم يوضح فيه خطورة تعرض المجني عليهما للغرق؛ مما ترتب عليه المساهمة في تفويت فرصة انقاد المجنى عليهما من الوفاة غرقاً في الوقت المناسب، وأن الطاعن الثاني (…). فقد تخلى عن واجبه المهني في مراقبة القارب والباراشوت من لحظة خروج القارب من مرسى مركز الألعاب إلى عودته بالمجني عليهما بعد انتهاء اللعبة كما تباطأ في الاستجابة إلى صيحة الاستغاثة الصادرة من قبطان المركب، وسمح هو والطاعن الثالث (…) بانطلاق القارب لممارسة اللعبة رغم تواجد دراجة الإنقاذ(الجت سكي) على اليابسة للصيانة وترتب على ذلك الاستعانة بأحد القوارب وهو ابطء سرعة منها وهو ما سهام في ضياع الوقت وتفويت فرصة انتشال المجني عليهما من الغرق مما ترتب عليه وفاتهم باسفكسيا الغرق على النحو الذى بينه التقرير الطبي الشرعي الموقع عليهما. وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى, كما أن تقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه؛ وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الشأن كاف وسائغ في استظهار ركن الخطأ في جانب الطاعنين وينتفى معه ما أثاره الطاعنون من نفى الخطأ عنهم وإلقاء تبعته على عاتق المجني عليه و القول بحصول الواقعة عن حادث قهري. فإن ما يثيروه في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قيام علاقة السببية من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة التمييز عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن دلل تدليلاً سائغاً على توافر الخطأ في حق الطاعنين الذى أدى إلى عدم انقاد المجني عليهما من الغرق في الوقت المناسب، خلص إلى حدوث اسفكسيا الغرق التي أودت بحياتهما نتيجة هذا الخطأ ، مستنداً في ذلك إلى دليل فني أخذاً بما أورده التقرير الطبي الشرعي الموقع على المجني عليهما وكان ما أورده الحكم من ذلك سديداً وكافياً في التدليل على قيام رابطة السببية بين خطأ الطاعنين والضرر الذي حوسبوا عنه، فلا محل لما يثيروه في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن لأقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، الأمر الذي يكون معه ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لا يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره متى كانت وقائع الدعوى حسبما كشف عنها قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وكان الحكم المطعون فيه قد قطع بأن الحادث وقع بخطأ الطاعنين الناجم عن إخلال كل منهم في اختصاصه بما تفرضه عليه أصول مهنته من توفير وسائل الإنقاذ المستعدة للتدخل الفوري فور حصول طارئ يهدد سلامة ممارسي الرياضات المائية لديهم والرقابة المناسبة للرياضين ووسائلهم اثناء ممارستهم تلك الرياضات التي تحفها المخاصر التي تهدد حياة ممارسيها والتقييم السريع والصحيح للموقف الطارئ، ودقة التنسيق بين الفريق المشرف على تلك الرياضات واتخاذ القرارات المناسبة والحازمة في التعامل معه في التوقيت المناسب , وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم من قبيل فهم الواقعة في الدعوى مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها؛ متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه ما دام استخلاصاً سائغاً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة- فإن ما يثيره الطاعنون من أن التقرير الفني للهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية لم يجزم بنسبة الخطأ للطاعنين وإنما بنى على الترجيح والاحتمال - بفرض صحته - يكون غير مقبول. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محدداً وكان الطاعنون لم يفصحوا عن ماهية أوجه الدفاع التي يقولون أنهم أثاروها ولم يبينوا مضمون المستندات التي عابوا على الحكم عدم التعرض لها وذلك حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم فإن الطعن المقدم من الطاعنين يكون برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

 

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة:-

أولاً: بقبول الطعنين شكلاً.

ثانياً: وفى موضوع الطعن رقم 2 لسنة 2016 برفضه بالنسبة للمطعون ضده الأول ()، وتصحيح الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بتأييد الحكم المستأنف فيما أوقعه من عقوبة الحبس لمدة شهر بالإضافة إلى عقوبة الغرامة المقضي بها بالحكم المطعون فيه مع تأييده فيما عدا ذلك.
ثالثاً: وفي موضوع الطعن رقم 10لسنة 2016  برفضه ومصادرة التأمين وألزمت الطاعنين بالرسوم القضائية.

تشرف على هذا الموقع دائرة النيابة العامة برأس الخيمة
آخر تحديث الموقع: 24/02/2024 | عدد الزائرين: 3989445 | يفضل المشاهدة بدقة 1366x768