الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي

  حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة

​ 

-------------------------

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة

 

 

المؤلفة برئاسة السيد القاضى /  عـــــــلاء مــــدكـــور                        رئيس الدائرة
وعضــــــوية الســـــيدين القاضـــيين/ عــــــبدالناصـــر الـــزناتي  و أحمد الشربيني 
وحضــــور رئيس النيابــــــة العامـــــــة الســـــيد / أسامة عـــــبد المعـــز
وأمين السر السيد / سعد طلبه                                                         

في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الثلاثاء 19 من رجب سنة 1437 هـ الموافق 26 من إبريل سنة 2016 م
في الطعـون المقيـــدة فـي جــدول المحكمــة بـأرقـام 22 ، 28 ،29 لسنـــة 11 ق2016 جـزائي

أولا: الطعن رقم 28 لسنة 2016 جزاء.

 المرفوع من/

 1-

 2-

ضد

النيابة العامة

المرفوع من/ النيابة العامة

ضد

1-

2-

3-

المرفوع من/

ضد / النيابة العامة  


 

الوقائـــــــــــــــــــــــع

اتهمت النيابة العامة كل من 1- ...2- ….3- ….4- ... لأنهم في يوم  7 / 3 / 2012  بدائرة رأس الخيمة . تسببوا بخطئهم في موت المجني عليها / … وكان ذلك نتيجة إخلالهم بما تقتضيه عليهم أصول وظيفتهم ومهنتهم على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمادتين (121  و  342 / 1 ) من قانون العقوبات الاتحادي رقم  3  لسنة  1976  وتعديلاته، والمواد ( 3 و 4 و 5 و 14 ) من القانون الاتحادي رقم  10  لسنة  2008  في شأن المسؤولية الطبية. وادعى ورثة المجني عليها مدنياً بمبلغ ( 20100 درهم ) على سبيل التعويض المؤقت.   ومحكمة جنح رأس الخيمة قضت بجلسة  27 / 10 / 2014 حضورياً: ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية.   استأنف المدعون بالحق المدني هذا الحكم كما استأنفت النيابة العامة وبجلسة  19 / 1 / 2015  قضت محكمة جنح استئناف رأس الخيمة حضورياً: بقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض، وقيد طعنها برقم  20 لسنة 2015  ومحكمة التمييز قضت بجلسة  26 / 5 / 2015  بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة إلى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة. ومحكمة الإعادة قضت بجلسة 13 / 1 / 2016  أولا: وفي موضوع الاستئناف المرفوع من النيابة العامة حضورياً اعتبارياً للمتهم الأول وحضورياً : للمتهمين الثانية والثالثة والرابع : 1- بالنسبة للمتهمين الأول : ... والثانية: ... والرابع ... وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم الأول مبلغ خمسة آلاف درهم وتغريم كل من المتهمين الثانية والرابع مبلغ ألفي درهما ، وبإلزام المتهمين الثلاثة بأداء الدية الشرعية وقدرها مائتي ألف درهم توزع بينهم بمقدار النصف يدفعه المتهم الأول والنصف الأخر يدفعه المتهمان الثانية والرابع بالسوية بينهما لورثة المجني عليها تقسم بينهم طبقا للأنصبة الشرعية. 2- بالنسبة للمتهمة الثانية .. برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به ببراءتها من التهمة المسندة إليها. ثانياً : في موضوع الاستئناف رقم ...... بالنسبة للمتهمين الأول والثانية والرابع بإلغائه وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة وكلفت قلم كتابها بتحديد جلسة لنظرها وبإعلان الخصوم بالجلسة وأبقت الفصل في مصروفاتها ، وبالنسبة للمتهمة الثالثة برفضه وتأييد الحكم المستأنف والزمت المدعى المدني مصروفاتها ومبلغ مائة درهم مقابل أتعاب المحاماة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ  3 من فبراير سنة 2016. كما طعن المحكوم عليهما ...، … في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ  11 من فبراير سنة 2016.   كما طعن المحكوم عليه ... في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز في  14 من فبراير سنة 2016 وسددوا جميعا مبلغ التأمين.

 

المحكمــــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / عضو اليمين والمداولة. و حيث ان الطعون استوفت الشكل المقرر في القانون .

أولاً: الطعنان رقما 28، 29 لسنة 2016 جزاء. وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة التسبب في موت المجنى عليها نتيجة إخلالهم بأصول وظيفتهم ومهنتهم قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون،  ذلك  بأنهم قاموا بعمل كل ما تمليه عليهم ضمائرهم ومهنته في علاج المجنى عليها، وأن قرار الطاعن الأول بنقلها إلى مستشفى أخر كان لعدم توافر وحدة جراحة قلب بالمستشفى التي باشر فيه علاج المجنى عليها يمكنها التعامل مع المخاطر المتوقعة لعملية بزل سائل الارتشاح من غشاء التامور، ونسب إلى المطعون ضدها الثانية الخطأ في وسيلة التشخيص وأنها لم تبلغ أخصائي القلب بتشخيص الحالة للتدخل في الوقت المناسب، مع أنها اتخذت الوسيلة المعتمدة لتشخيص الحالة، وتم عرض الحالة في الاجتماع الصباحى للأطباء وهو الاجتماع المقرر للتباحث في امر الحالات الطارئة والسريرية بالمستشفى، وبمجرد عرض تلك الحالات يتــولها القسم المختص بها، ومع ذلك تدخلت بوازع من أخلاقها في حث المطعون ضده الأول على سرعة فحص الحالة، كما دان الطاعن الثالث رغم أن تقرير اللجنة المشكلة من وزارة الصحة اثبت انه لم يرتكب خطأ في علاج المجنى عليها، وعول الحكم على تقريري اللجنة العليا للمسئولية الطبية رغم تباينهما مع تقرير اللجنة المشكلة من وزارة الصحة، فضلاً عن أنه لم يجزما بسبب وفاة المجنى عليها لعدم تشريح جثتها، ولم تلتزم محكمة الإعادة بما أنتهى إليه حكم محكمة التمييز في الطعن لأول مرة، وفصلت في الدعوى المدنية رغم أن المدعين بالحق المدني لم يطعنوا بالنقض في الحكم الصادر فيها بالرفض قوة بذلك فمست الأمر المقضـي للحكم الصادر فيها، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مسئولية الأطباء تخضع للقاعدة العامة وأنه متى تحقق القاضي وثبت لديه الخطأ المنسوب إلى الطبيب سواء كان مهنياً أو غير مهني جسيماً كان أو يسيراً فإنه يتعين مساءلة الطبيب عن خطئه، ذلك أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها؛ حقت عليه المسئولية بحسب تعمده الفعل أو نتيجة إهماله وتقصيره أو عدم تحرزه في أداء عمله والتزام الطبيب في أداء فنه هو التزام ببذل عناية والعناية المطلوبة من الطبيب تقتضي منه أن يبذل لمريضه جهوداً صادقة يقظة تتفق مع الأصول المستقرة في عالم الطب؛ فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف، كما يسأل عن خطئه العادي أيا كانت درجة جسامته، وأن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوي أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر. وكان من المقرر، إن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستمداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر ركن الخطأ  والضرر وعلاقة السببية بينهما في جانب الطاعنين مما أورده من واقع التقرير الأساسي والتكميلي للجنة العليا للمسئولية الطبية من أن الطاعن الأول "قام بتشخيص الحالة بارتشاح حاد وكبير في غشاء القلب، وهذا التشخيص يعتبر حالة طارئة وبدون العلاج المناسب يؤدى إلى الوفاة وقام بتحويل المريضة لإجراء عملية بذل أو إزالة للسائل إلى مستشفى رأس الخيمة الخاص مما يعرض المريضة إلى خطورة عالية جداً وكان الأولى أن يقوم بإجراء إزالة السائل بنفسه لكونه أخصائي قلب، وذلك صميم تخصصه ولا يتطلب ذلك إجراءات معقدة أو خطره خاصة بوجود تقنية الموجات الصوتية، وأن المعدات الأساسية التي يتطلب وجودها لتنفيذ إجراء عملية بذل أو إزالة السائل وبشكل مثالي هي جهاز أشعة الموجات الصوتية (Ecoh ) وبعض المعدات الجراحية البسيطة ومتوفرة في جميع المستشفيات صغيرة وكبيرة ، مع العلم أن في هذه الحالة الطارئة فإن إزالة 50 مل في أغلب الحالات كاف لمعالجة الهبوط الحاد في الدورة الدموية .... وبلغ الإهمال ذروته حين لم يقم بمصاحبة الحالة بعد أمر بتحويلها إلى مستشفي رأس الخيمة خلال عملية النقل الحرج" وأن الطاعنة الثانية "تسلمت الحالة من الطبيبة … وحضرت مناقشة الحالة ونما إلى علمها احتمال الإصابة القلبية، ورغم ذلك لم يتم عرض الحالة على أخصائي القلب المنوط به مناظرة المرضى في ذلك اليوم، وكان يجب أن يتم أثناء الاجتماع الصباحي أو بعده مباشرة في الصباح الباكر، وإنما خابرته حوالى الساعة  12.15  ظهراً طالبة منه فقط أجراء موجات فوق صوتية للقلب وكذلك لم تطلب عمل تخطيط للقلب مرة أخرى صباحا" وأن الطاعن الثالث " حال كونه أخصائي الأمراض القلبية خالف أمور فنية يفترض علمه بها سيما وأنها تتعلق بصميم اختصاصه، بأن أودع تقريرا خاطئا يفيد عدم وجود حاجة لإجراء عملية بذل أو إزالة السائل للمجني عليها، رغم حاجتها الملحة والمستعجلة لإجرائها وقد تم نقلها إلى المستشفى من أجل ذلك" ثم انتهى الحكم من واقع التقرير التكميلي للجنة العليا للمسئولية الطبية إلى أن " سبب الوفاة هو أمر مركب ويعتمد على تطورات المرض والفحص السريري والفحوصات الفنية الدقيقة ، وهو غالباً هبوط حاد  بالدورة الدموية نتيجة التهاب فيروسي أصاب الغشاء المحيط للقلب مما ترتب عليه تجمع السوائل في الغشاء الخارجي للقلب ، والذى نتج عنه قصور حاد في وظائف عضلة القلب من عدم إزالة هذه السوائل من قبل الفريق المعالج وأن اللجنة قد حددت سبب الوفاة نتيجة عن التقصير في العلاج من قبل الفريق المعالج وعدم إزالة السائل" وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها و المفاضلة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها و إطراح ما عداه، كما أن لها أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى ما جاء بتقريري اللجنة العليا للمسئولية الطبية الأساسي والتكميلي ولم تر من جانبها حاجة إلى إحالة الأمر إلى لجنة طبية أخرى وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم المطعون فيه من هذين التقريرين ؛وكان ما أثبته الحكم في ذلك كافياً لاستظهار خطأ الطاعنين ورابطة السببية بينه وبين وفاة المجني عليها من واقع التقريرين الفنيين، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان نص المادة  33  من قانون محكمة تميز رأس الخيمة تنص(1-........ 2-وإذا كان الطعن مقبولاً وكان مبنياً على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو في تأويله تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضـى القانون. 3- أما إذا كان الطعن مقبولاً وكان مبنياً على سبب آخر من أسباب الطعن المبينة في المادة (27 ) تنقض المحكمة الحكم وتعيد الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد ما لم تر المحكمة نظرها أمام دائرة مشكلة من قضاة آخرين أو تحيلها إلى المحكمة المختصة لتقضـي فيها من جديد وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بحكم النقض في النقاط التي فصل فيها. ومع ذلك فإنه إذا كان موضوع الطعن صالحاً للحكم فيه أو كان الطعن للمرة الثانية، فإن المحكمة تتصدى للفصل فيه، وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة أمام محكمة الموضوع عن الجريمة التي وقعت) مفاده إنه إذا نقض الحكم وأحيلت الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيه من جديد فإنه يتحتم على محكمة الإعادة أن تلتزم بحكم محكمة التمييز في المسألة القانونية التي فصل فيها هذا الحكم بحيث يمتنع على محكمة الإعادة عند إعادة النظر في الدعوى المساس بهذه الحجية، أما ما عدا ذلك فتعود الدعوى إلى ما كانت عليه قبل إصدار الحكم المنقوض. ولمحكمة الإعادة أن تقضى في الدعوى من جديد وأن تستخدم كامل سلطتها التقديرية في استخلاص فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ، وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوره في التسبيب لأنه لم يحقق في دفاع الطاعنين الذى لو صح لتغير معه وجه الرأي في الدعوى وكان القصور في التسبيب،  لا يعد فصلاً في مسألة قانونية فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً.   لما كان ذلك، وكان المدعى بالحق المدني لا يستفيد من طعن النيابة العامة،  إذ أن نقض الحكم في هذه الحالة يقتصر على الدعوى الجنائية،  وتكون هذه الدعوى هي التي أعيد طرحها على محكمة ثاني درجة دون الدعوى المدنية  -  فإذا كان الثابت أن المدعين بالحق المدني قد قبلوا الحكم السابق صدوره من المحكمة الاستئنافية برفض دعواهم ولم يطعنوا عليه بطريق النقض فصارت له بذلك حجية الشيء المقضي به بالنسبة للدعوى المدنية ولا يكون لهم حق التدخل أمام هذه المحكمة مرة أخرى عند إعادة الدعوى إليها بموجب الحكم الذى أصدرته محكمة التمييز بناء على طعن النيابة العامة وحدها، فإنه ما كان يجوز للمحكمة الاستئنافية عند إعادة نظر الدعوى قبول تدخل المدعين بالحق المدني والحكم لهم بطلباتهم ،  ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما قضى به من إلغاء الحكم الصادر بجلسة  27 من أكتوبر سنة  2014  من محكمة أول درجة برفض الدعوى المدنية، ومن ثم فإن المحكمة تنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً بإلغاء ذلك من قضاء الحكم المطعون فيه .

ثانياً:  الطعن رقم  22 لسنة 2016  جزاء رأس الخيمة.

تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهم  بجريمة التسبب في وفاة المجني عليها نتيجة إخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة رأت أن ظروف الجريمة تستدعي الرأفة فأعملت ما نص عليه البند ( ب ) من المادة  99  من قانون العقوبات في حين أنها مقيدة في استعمال هذه الرخصة بإعمال ما نص عليه البند  ( أ )  من ذات المادة الذى لم يمنح المحكمة سوى سلطة عدم التقيد بالحد الأدنى لعقوبة الحبس دون استبداها بالغرامة، مما يعيب حكمها ويسـتوجب نقضــه.   ومن حيث إن الآراء تعددت بالنسبة لخطأ رجال الفن بين من يرى التفرقة بين الخطأ المادي الذى يرجع إلى انحراف الشخص عما تمليه قواعد الخبرة الإنسانية العامة من وجوب تقيد الناس كافة ومنهم رجال الفن في مهنتهم بحد أدنى من الحيطة والحذر حتى لا ينجم عن هذا الانحراف ضرر بالآخرين، والخطأ الفني الذى هو انحراف شخص ينتمى إلى وظيفة أو مهنة أو حرفة  معينة عن الأصول التي تحكم تلك المهنة وتقيد أهلها عند ممارستهم لها، ومن يرى أنه يجب التفرقة في داخل الخطأ الفني بين الجسيم منه واليسير ورأى يرى أنه يتعين أن تطبق على رجال الفن القواعد العامة التي تحدد عناصر الخطأ غير العمدى سواء كان مادياً أو مهنياً، وأياً كانت درجته جسيما كان أو يسيراً فيسأل رجل الفن عن كل تقصير في مسلكه الفني لا يقع من رجل فن يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف، ويمثل هذا الرأي ما استقرت عليه الآن أحكام القضاء، ويزكيه أن المشرع جعل الخطأ المهني ظرفاً مشدداً في جريمة القتل والإصابة الخطأ، فدل بذلك على أنه اذا كان انحراف الطبيب الذى أدى إلى وفاة المريض؛  يرجع إلى الإخلال بواجبات الحيطة والحذر العامة كان عقابه طبقا للفقرة الأولى من نص  342  من قانون العقوبات،  فإذا توافر في حقه ظرفاً مشدداً كمخالفة ما تفرضه عليه أصول مهنته كان عقابه بالمناسب من الفقرة الثانية والثالثة من المادة المار ذكرها. وكان من المقرر أنه متى كانت عباره القانون واضحه لا لبس فيها فأنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك،  ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه. لما كان ذلك، و كانت المادة  99  من قانون العقوبات تنص على أنه  " إذا توافر في الجنحة عذر مخفف كان التخفيف على الوجه الآتي ( أ )  إذا كان للعقوبة حد أدنى خاص فلا تتقيد به المحكمة في تقدير العقوبة ( ب ) وإذا كانت العقوبة الحبس والغرامة معاً حكمت المحكمة بإحدى العقوبتين فقط ( حـ ) و إذا كانت العقوبة الحبس غير المقيد بحد أدنى خاص جاز للمحكمة الحكم بالغرامة بدلاً منه"، وكان البين من سياق النص أنه ربط سلطة القاضي في استعمال الظروف المخففة بالعقوبة المقررة لكل جريمة، فأفرد لكل حالة بنداً خاصاً يسمح للقاضي في نطاقه استعمال حقه في تقدير العقوبة المناسبة لها؛ فخصص البند (أ) للجنح التي تدور عقوباتها بين الحالات الآتية :  1-  الحبس والغرامة المقيدان أو المقيد أحدهما بحد أدنى خاص  2-  الحبس المقيد بحد أدنى خاص 3-  الغرامة المقيدة بحد أدنى خاص و هو ما يدل عليه إطلاق تعبير العقوبة بمستهل النص كما خصص البند (ب) للجنح المعاقب عليها بالحبس والغرامة الغير مقيدين بحد أدنى خاص وهو ما يدل عليه سياق النص،  وما يتفق مع قواعد العدالة وتدرج العقاب والحالات التي تُسّوغ تخفيفه وفقاً لجسامة الجرائم ، كما خصص البند  (ح) للجنح المعاقب عليها بالحبس غير المقيد بحد أدنى خاص،  فإذا كان ذلك فإنه لا يجوز للقاضي الخروج عن تلك القواعد المحددة أو صرف إحداها إلى غير الحالات التي قصد إليها المشرع أو الجمع بينها إذ أن لكل منها نطاقها المحدد في إطار الاعتبارات سالفة الذكر.   لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضدهم بجريمة التسبب في وفاة المجنى عليها وكان ذلك نتيجة إخلالهم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم ومهنتهم وهى الجريمة المعاقب عليها بالمادة  342  / 1 ، 2  من قانون العقوبات والمواد  3، 4، 5، 14  من القانون الاتحادي رقم  10 لسنة 2008  في شأن المسئولية الطبية وكانت العقوبة المقررة لتلك الجريمة  هي الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة ومن ثم فإذا كانت المحكمة قد رأت أن ظروف الجريمة أو مرتكبها تستدعي الرأفة، فإنه كان يتعين عليها إعمال البند  (أ) من المادة  99  من قانون العقوبات فلا تتقيد بالحد الأدنى الخاص المقرر لعقوبة الحبس وتوقع العقوبتين معا دون أن يكون لها أن تُعمل نص البندين (ب ) أو ( حـ )  من المادة سالفة الذكر. لما كان ذلك،  وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر إذ قضى بعقوبة الغرامة دون عقوبة الحبس بالنسبة للمطعون ضدهم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الموضوع صالح للفصل فيه وكان الطعن للمرة الثانية فإن المحكمة تتصدى له عملاً بنص المادة 33 / 3 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضدهم فإن هذه المحكمة تقضى بحبس كل مطعون ضده شهر بالإضافة إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه من غرامة ودية شرعية.   لما كان ذلك، وكانت المحكمة ترى من أخلاق المطعون ضدهم والظروف التي ارتكبوا فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنهم لن يعودوا إلى ارتكابها من جديد فإنها تقضى بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم عملاً بنص المادة  83  من قانون العقوبات.

 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:-

أولاً:  بقبول الطعون شكلاً.

ثانياً وفي موضوع  الطعنين رقمي  28 ، 29  لسنة 2016  بنقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلغاء ما قضى بشأن الدعوى المدنية المقامة ضد الطاعنين، ورفض الطعنين فيما عدا ذلك. وأمرت بمصادرة التأمين وألزمت الطاعنين بالرسوم القضائية.  

ثالثاً: وفي موضوع الطعن  رقم 22 لسنة 2016  جزاء بنقض الحكم المطعون فيه نقضاَ جزئياَ و تصحيحه بحبس كل من المطعون ضدهم شهر والإيقاف بالإضافة
ما قضى به الحكم المطعون من الغرامة والدية الشرعية المقضي بهما.

تشرف على هذا الموقع دائرة النيابة العامة برأس الخيمة
آخر تحديث الموقع: 24/02/2024 | عدد الزائرين: 3989445 | يفضل المشاهدة بدقة 1366x768